(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) (٤) مؤدون (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) (٥) عن الحرام (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ) أي من زوجاتهم (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) أي السراري (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) (٦) في إتيانهن (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) من الزوجات والسراري كالاستمناء باليد في إتيانهن (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) (٧) المتجاوزون إلى ما لا يحل لهم (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ) جمعا ومفردا (وَعَهْدِهِمْ) فيما بينهم أو فيما بينهم وبين الله من صلاة وغيرها (راعُونَ) (٨) حافظون (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ) جمعا ومفردا (يُحافِظُونَ) (٩) يقيمونها في أوقاتها (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) (١٠) لا غير هم (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) هو جنة أعلى الجنان (هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١١) في ذلك إشارة إلى المعاد
____________________________________
قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ) المراد به كل ما لا يعود على الشخص منه فائدة في الدين أو الدنيا ، كان قولا أو فعلا أو مكروها أو مباحا ، كالهزل واللعب وضياع الأوقات فيما لا يغني ، والتغول في الشهوات وغير ذلك مما نهى الله عنه ، وبالجملة فينبغي للإنسان أن يرى ساعيا في حسنة لمعاده ، أو درهم لمعاشه ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ) اعلم أن الزكاة تطلق على القدر المخرج ، كربع العشر من النقدين ، والعشر أو نصفه من الحرث ، والشاة من الأربعين ، وعلى المصدر الذي هو فعل الفاعل ، فعلى الأول يكون معنى فاعلون مؤدون ، لأن القدر المخرج لا معنى لفعله ، وعلى الثاني ففاعلون على بابه.
قوله : (حافِظُونَ) أي مانعون. قوله : (عن الحرام) أي عن كل ما لا يحل وطؤه بوجه من الوجوه. قوله : (أي من زوجاتهم) أشار بذلك إلى أن على بمعنى من. قوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) عبر بما دون من إن كان المقام له ، لأن الإناث ناقصات ، ولا سيما الأرقاء ففيهن شبه بالبهائم ، في حل البيع والشراء. قوله : (أي السراري) جمع سرية بالضم ، وهي في الأصل الأمة التي بوئت ببيت ، مأخوذة من السر ، وهو الجماع أو الإخفاء ، لأن الإنسان كثيرا ما يسرها ويسترها عن حرته ، أو من السرور لأن مالكها يسر بها. قوله : (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) علة للاستثناء. قوله : (كالاستمناء باليد) أي فهو حرام عند مالك والشافعي وأبي حنيفة ، وقال أحمد بن حنبل : يجوز بشروط ثلاثة : أن يخاف الزنا ، وألا يجد مهر حرة أو ثمن أمة ، وأن يفعله بيده ، لا بيد أجنبي أو أجنبية. قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ) أي ما ائتمنوا عليه من حقوق الخالق ، كالصلاة والصوم والحج وفعل المعروف والنهي عن المنكر وحقوق الخلق ، كالودائع والصنائع وأعراض الخلق وعوراتهم. قوله : (جمعا ومفردا) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (وَعَهْدِهِمْ) مرادف للأمانات. قوله : (حافِظُونَ) أي غير مضيعين لها. قوله : (يُحافِظُونَ) أي يحامون عليها بشروطها وأركانها وآدابها ، ولكون الصلاة عماد الدين ، وأعظم أركانه ابتدأ بها أوصاف المؤمنين وختمها بها. قوله : (لا غيرهم) أخذ الحصر من وجود ضمير الفصل ، لأن الجملة المعرفة الطرفين تفيد الحصر ، وهو إضافي لا حقيقي ، لأنه ثبت أن الجنة يدخلها الأطفال والمجانين والعصاة الذين ماتوا على الإيمان بعد العفو ، لقوله تعالى (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) أو يقال : إن الحصر فيهم حقيقي بالنسبة للفردوس وباقي الجنان لمن لم يمت كافرا.
قوله : (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) عبر بالإرث دون الاستحقاق ، لأن الإرث ملك دائم. قوله :