(لِتَبْتَغُوا) بالإكراه (عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) نزلت في عبد الله بن أبيّ كان يكره جواريه على الكسب بالزنا (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ) لهن (رَحِيمٌ) (٣٣) بهن (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ) بفتح الياء وكسرها في هذه السورة بين فيها ما ذكر أو بينة (وَمَثَلاً) خبرا عجيبا وهو خبر عائشة (مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) أي من جنس أمثالهم ، أي أخبارهم العجيبة كخبر يوسف ومريم (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٣٤) في قوله تعالى : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) الخ ، (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ) الخ ، (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ) الخ ، (يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا) الخ ، وتخصيصها بالمتقين لأنهم المنتفعون بها (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي منورهما بالشمس والقمر (مَثَلُ نُورِهِ) أي صفته في قلب المؤمن (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي
____________________________________
وإنما نص على ذلك ، لأنه الواقع من عبد الله بن أبي الذي نزلت في حقه الآية. قوله : (محل الإكراه) أي فلا يتحقق الإكراه إلا عند تلك الارادة ، وأما عند ميلهن له فذلك باختيارهن فلا يتصور الإكراه حينئذ ، فالتقييد لأجل صحة قوله : (تُكْرِهُوا). قوله : (كان يكره جواريه) أي وكن ستا فشكا ثنتان منهن للنبي صلىاللهعليهوسلم فنزلت الآية. قوله : (غَفُورٌ) (لهن) أي ما وقع منهن ، لأن المكره وإن لم يكن آثما ، فلربما يحصل منه بعض ميل ، والإكراه المبيح للزنا هو خوف القتل أو الضرب المؤدي له أو لتلف عضو ، وأما القتل فلا يباح تخوف القتل ، بل يسلم نفسه ولا يقتل غيره ، وأما ترك الصلاة مثلا ، فالإكراه عليه يحصل بالضرب ونحوه. قوله : (بفتح الياء وكسرها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (بين فيها ما ذكر) راجع للفتح ، وقوله : (أو بينة) راجع للكسر. قوله : (وَمَثَلاً) عطف على آيات. قوله : (أي من جنس أمثالهم) أشار بذلك إلى أن في الآية حذف مضافين ، والأصل (وَمَثَلاً) من جنس أمثال الذين خلوا.
قوله : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اعلم أن حقيقة النور كيفية تدركها الباصرة أو لا ، وتدرك بواسطتها سائر المبصرات ، كالكيفية الفائضة من النيرين على الأجرام الكثيفة المحاذية لها ، وهو بهذا المعنى مستحيل إطلاقه على الله ، وحينئذ فيجاب عن الآية بأن معنى قوله : (نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خالق النور في السّماوات بالشمس والقمر والنجوم والكواكب والعرش والملائكة ، وفي الأرض بالمصابيح والسرج والشموع والأنبياء والعلماء والصالحين ، وأفاد هذا المفسر بقوله : (أي منورهما) وقيل معنى (نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مظهرهما ، لأن النور كما يطلق على الكيفية ، يطلق على الظاهر في نفسه المظهر لغيره ، وهو بهذا المعنى يصح إطلاقه على الله تعالى ، فهو سبحانه وتعالى نور بمعنى مظهر للأشياء من العدم إلى الوجود ، قال ابن عطاء الله في الحكم : الكون كله ظلمة ، أناره ظهور الحق فيه ، فوجود العالم بوجود الله ، إذ لو لا وجود الله ، ما وجد شيء من العالم.
قوله : (مَثَلُ نُورِهِ) مبتدأ ، وقوله : (كَمِشْكاةٍ) خبر ، والمثل بمعنى الصفة ، والكلام على حذف مضاف ، أي كمثل مشكاة. قوله : (أي صفته في قلب المؤمن) أشار بذلك إلى أن في الكلام شبه استخدام ، حيث ذكر النور أولا بمعنى ، ثم ذكره ثانيا بمعنى آخر ، فتحصل أنه فسر النور أولا بالحسيّ ، وثانيا بالمعنويّ. قوله : (كَمِشْكاةٍ) اختلف في هذه اللفظة ، قيل عربية وقيل حبشية معربة. قوله : (فِي