زُجاجَةٍ) هي القنديل ، والمصباح السراج أي الفتيلة الموقودة ، والمشكاة الطاقة غير النافذة أي الأنبوبة في القنديل (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها) والنور فيها (كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) أي مضيء بكسر الدال وضمها من الدرء بمعنى الدفع لدفعه الظلام ، وبضمها وتشديد الياء منسوب إلى الدر : اللؤلؤ (يُوقَدُ) المصباح بالماضي وفي قراءة بمضارع أوقد مبنيا للمفعول بالتحتانية وفي أخرى توقد بالفوقانية أي الزجاجة (مِنْ) زيت (شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) بل بينهما فلا يتمكن منها حر ولا برد مضرين (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) لصفاته (نُورُ) به (عَلى نُورٍ) بالنار ، ونور
____________________________________
زُجاجَةٍ) واحدة الزجاج ، وفيه ثلاث لغات : الضم وبه قرأ العامة ، والفتح والكسر وبهما قرىء شذوذا. قوله : (هي القنديل) بكسر القاف. قوله : (الموقودة) صوابه الموقدة. قوله : (غير النافذة) قيد به لأنه في تلك الحالة أجمع للنور. قوله : (أي الأنبوبة) هي السنبلة التي في القنديل ، وهو تفسير آخر للمشكاة ، وحينئذ فكان المناسب للمفسر أن يقول أو الأنبوبة ، فتحصل أنه اختلف في المشكاة ، فقيل هي الطاقة الغير النافذة التي وضع فيها القنديل ، وعليه فهي ظرف للقنديل ، وقيل هي السنبلة التي تكون وسط القنديل توضع فيها الفتيلة وعليه فالقنديل ظرف لها. قوله : (بكسر الدال وضمها) أي مع الهمزة قراءتان سبعيتان. قوله : (وبضمها وتشديد الياء) قراءة سبعية أيضا فتكون القراءات ثلاثا. قوله : (بمعنى الدفع) أي وبابه قطع. قوله : (منسوب إلى الدر) أي لشدة صفائه. قوله : (بالماضي) الخ ، حاصله أن القراءات ثلاث سبعيات بالماضي وبالمضارع بالتحتانية ، ويكون الضمير عائدا على المصباح ، وبالفوقانية ويكون الضمير عائدا على الزجاجة على حذف مضاف ، أي فتيلة الزجاجة.
قوله : (مِنْ) (زيت) (شَجَرَةٍ مِنْ) ابتدائية ، وأشار المفسر إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله : (مُبارَكَةٍ) أي لكثرة منافعها ، قال ابن عباس : في الزيتون منافع ، يسرج بزيته وهو إدام ودهان ودباغ ووقود ، وليس فيه شيء إلا وفيه منفعة حتى الرماد يغسل به الإبريسم ، وهي أول شجرة نبتت في الدنيا ، وأول شجرة نبتت بعد الطوفان ، ونبتت في منازل الأنبياء والأرض المقدسة ، ودعا لها سبعون نبيا بالبركة ، منهم إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسّلام.
قوله : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) بالجر صفة لشجرة ، وقرىء شذوذا بالرفع خبر لمحذوف ، أي لا هي شرقية ولا هي غربية ، والجملة في محل جر نعت شجرة. قوله : (بل بينهما) الخ ، أشار بذلك إلى أن المراد بقوله : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) أنها متوسطة ، لا شرقية فقط ولا غربية فقط بل بينهما وهي الشام ، فإن زيتونه أجود الزيتون. وفي الحديث : «لا خير في شجرة ولا نبات في مقنأة ، ولا خير فيهما في مضحى» ، والمقنأة بقاف ونون مفتوحة أو مضمومة فهمزة المكان الذي لا تطلع عليه الشمس ، والمضحى هو الذي تشرق عليه دائما فتحرقه ، وهو أحد قولين ، وقيل معنى لا شرقية ولا غربية ، أن الشمس تبقى عليها دائما من أول النهار لآخره ، لا يواريها عن الشمس شيء ، كالتي تكون في الصحارى الواسعة ، فإن ثمرتها تكون أنضج وزيتها أصفى ، وعلى هذا فلا يتقيد بشام ولا غيرها. قوله : (مضرين) هذا هو محل النفي وهو حال. قوله : (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه والتقدير لأضاء.