مصدر بمعنى الغدوات أي البكر (وَالْآصالِ) (٣٦) العشايا من بعد الزوال (رِجالٌ) فاعل يسبح بكسر الباء وعلى فتحها نائب الفاعل له ورجال فاعل فعل مقدر جواب سؤال مقدر كأنه قيل من يسبحه (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ) أي شراء (وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ) حذف هاء إقامة تخفيف (وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ) تضطرب (فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) (٣٧) من الخوف ،
____________________________________
بالباء المقدرة ، والتقدير أمر الله برفعها. قوله : (تعظم) أي حسا ومعنى ، فالتعظم الحسي رفعها بالبنيان المتين الحسن ، مساويا لبنيان البلد أو أعلى ، ولا منافاة بين هذا ، وقوله عليه الصلاة والسّلام : «إذا ساء عمل قوم زخرفوا مساجدهم» لأن المنهي عنه الزخرفة والتزويق ، لا حسن البنيان واتقانه ، ومن التعظيم الحسي ، تطهيرها من الأقذار والنجاسات ، قال القرطبي : كره بعض أصحابنا تعليم الصبيان في المساجد ، لأنهم لا يتحرزون عن الأقذار والأوساخ ، فيؤدي ذلك إلى عدم تنظيف المساجد ، وقد أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتنظيفها وتطييبها فقال : «جبنوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وسل سيوفكم وإقامة حدودكم ورفع أصواتكم وخصوماتكم ، وجمروها في الجمع واجعلوا لها على أبوابها المطاهر». والتعظيم المعنوي بترك اللهو واللعب والحديث الدنيوي ، وغير ذلك مما لا ينبغي.
قوله : (وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) أي بأي ذكر كان. قوله : (بفتح الموحدة وكسرها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فعلى الفتح يكون نائب الفاعل أحد المجرورات الثلاث ، والأول أولى ، ولذا اقتصر عليه المفسر ، و (رِجالٌ) فاعل فعل محذوف ، أو خبر لمحذوف تقديره يحسبه أو المسبح ، وعليه فالوقف على (الْآصالِ) وعلى الكسر ، فرجال فاعله ، ولا يوقف على (الْآصالِ). قوله : (أي يصلي) فسر التسبيح بالصلاة لاشتمالها عليه ، واختلف في المراد بالصلاة ، فقيل المراد الصبح في الغدو ، وباقي الخمس في الآصال ، وقد أشار لهذا المفسر بقوله : (من بعد الزوال) وقيل المراد صلاة الصبح والعصر لما قيل : إنهما الصلاة الوسطى. قوله : (مصدر) أي في الأصل ، وأما هنا فالمراد منه الأزمنة. قوله : (أي البكر) أي وهي أوائل النهار ، وقوله : (العشايا) هي أواخر النهار.
قوله : (رِجالٌ) خصوا بالذكر ، لأن شأنهم حضور المساجد للجمعة والجماعة. قوله : (شراء) خص التجارة بالشراء ، وإن كان لفظ التجارة يقع على البيع أيضا لذكره البيع بعده ، وقيل المراد بالتجارة حقيقتها ، ويكون خص البيع بالذكر ، لأن الاشتغال به أعظم ، لكون الربح الحاصل من البيع ناجزا محققا ، والربح الحاصل من الشراء مشكوك فيه مستقبل فلا يكاد يشغله. قوله : (عَنْ ذِكْرِ اللهِ) أي عن حقوق الله صلاة أو غيرها ، فقوله : (وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ) من ذكر الخاص بعد العام اعتناء بشأنهما ، فإن المواظب عليهما كامل الايمان. قوله : (وَإِقامِ الصَّلاةِ) أي أدائها في أوقاتها بشروطها وأركانها وآدابها.
قوله : (يَخافُونَ يَوْماً) أي هؤلاء الرجال ، وإن أكثروا الذكر والطاعات ، فإنهم مع ذلك وجلون خائفون من الله سبحانه وتعالى ، لعلمهم بأنهم ما عبدوه حق عبادته. قوله : (بين النجاة والهلاك) راجع لتقلب القلوب ، وقيل معنى تقلب القلوب ، ارتفاعها إلى الحناجر ، فلا تنزل ولا تخرج من شدة الهول.