رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً) (١٦) يسأله من وعد به ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ، أو تسأله لهم الملائكة ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) بالنون والتحتانية (وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره من الملائكة وعيسى وعزير والجن (فَيَقُولُ) تعالى بالتحتانية والنون للمعبودين إثباتا للحجة على العابدين (أَأَنْتُمْ) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه (أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ) أوقعتموهم في الضلال بأمركم إياهم بعبادتكم (أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) (١٧) الحق بأنفسهم (قالُوا سُبْحانَكَ) تنزيها لك عما لا يليق بك (ما كانَ يَنْبَغِي) يستقيم (لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ) أي غيرك (مِنْ أَوْلِياءَ) مفعول أول ، ومن
____________________________________
قوله : (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ) أي من النعم اللائقة بهم ، وأما ما لا يليق بهم فلا يخطر ببالهم ، فكل إنسان يرضيه الله بما أعطاه ، ولا يلتفت إلى عطاء من هو أشرف منه ، ولا يخطر بباله سؤاله ، وبهذا اندفع ما قيل : إن مقتضى الآية ، أن الإنسان يتمنى مراتب الأنبياء في الجنة ويعطاها. قوله : (حال) أي من الهاء في لهم ، أو من الواو في (يَشاؤُنَ). قوله : (كانَ) (وعدهم ما ذكر) أشار بذلك إلى أن اسم (كانَ) يعود على الوعد المفهوم من قوله : (وُعِدَ الْمُتَّقُونَ). قوله : (رَبَّنا وَآتِنا) أي كما قال تعالى حكاية عن دعائهم لأنفسهم وقوله : (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ) أي كما قال تعالى حكاية عن دعاء الملائكة للمؤمنين.
قوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) ظرف مفعول لمحذوف تقديره اذكر ، والضمير في نحشرهم للعابدين لغير الله. قوله : (بالنون) أي مع النون في نقول أو الياء ، وقوله : (والتحتانية) أي مع التحتانية في يقول ، فالقراءات ثلاث سبعيات ، خلافا لما يوهمه المفسر من أنها أربع. قوله : (وَما يَعْبُدُونَ) معطوف على مفعول (يَحْشُرُهُمْ) ، وأوقع (ما) على العقلاء وهو قليل ، وهذا ما يفيده المفسر بالتمثيل ، ويصح أن يراد من (ما) العاقل وغيره كالأصنام ، وغلب غير العاقل على العقال لكثرته. قوله : (إثباتا للحجة على العابدين) أي وتبكيتا لهم ، وهو جواب عما يقال : إن الله عالم في الأزل بما ذكر ، فما فائدة هذا السؤال. قوله : (بتحقيق الهمزتين) أي مع ادخال ألف بينهما وتركه ، فالتحقيق فيه قراءتان ، والتسهيل كذلك ، والإبدال واحدة ، فتكون خمسا ، خلافا لما يوهمه المفسر من أنها أربع وكلها سبعية ، إن قلت على قراءة الإبدال ، يلزم عليه التقاء الساكنين على غير حده وهو ممنوع. أجيب : بأن محل منعه ما لم يكن مسموعا ، وهذا مسموع من رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قوله : (هؤُلاءِ) نعت لعبادي ، أو عطف بيان أو بدل منه.
قوله : (قالُوا) أي المعبودين ، وهو كلام مستأنف واقع في جواب سؤال مقدر كأنه قيل : ماذا قالوا في الجواب. قوله : (مِنْ أَوْلِياءَ) أي أتباعا يعبدوننا ، ويصح أن يراد بالأولياء المتبوعون أي معبودون لنا ، لأن الولي كما يطلق على المتبوع يطلق على التابع ، كالمولى يطلق على الأعلى والأسفل ، وكلام المفسر يفيد المعنى الثاني ، إذا علمت ذلك فالتبري حاصل في هذه الآية من الأولياء ، بمعنى المعبودين أو العابدين لغير الله ، وأما بمعنى من تولوا خدمة الله ، أو من تولاهم الله ، فلم يكلهم لغيره ، فقد اتخذهم الله وأمر بالتعلق بأذيالهم. قوله : (مفعول أول) أي لنتخذ قوله : (وما قبله) أي وهو قوله : (مِنْ دُونِكَ). قوله : (فكيف نأمر بعبادتنا) أي بعبادتهم إيانا ، فنحن لم نضلهم.