(وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) (٣٥) معينا (فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي القبط فرعون وقومه ، فذهبا إليهم بالرسالة فكذبوهما (فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) (٣٦) أهلكناهم إهلاكا (وَ) اذكر (قَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) بتكذيبهم نوحا لطول لبثه فيهم فكأنه رسل ، أو لأن تكذيبه تكذيب لباقي الرسل لاشتراكهم في المجيء بالتوحيد (أَغْرَقْناهُمْ) جواب لما (وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ) بعدهم (آيَةً) عبرة (وَأَعْتَدْنا) في الآخرة (لِلظَّالِمِينَ) الكافرين (عَذاباً أَلِيماً) (٣٧) مؤلما سوى ما يحل بهم في الدنيا (وَ) اذكر (عاداً) قوم هود (وَثَمُودَ) قوم صالح (وَأَصْحابَ الرَّسِ) اسم بئر ونبيهم قيل شعب وقيل غيره كانوا قعودا حولها فانهارت بهم وبمنازلهم (وَقُرُوناً)
____________________________________
الأنبياء على سبيل الإجمال ، والمعنى لا تحزن يا محمد ، فإن من خالفك وعاندك ، يحل به الدمار ، كما حل بالمخالف من الأمم المتقدمة. قوله : (وَجَعَلْنا مَعَهُ) معطوف على (آتَيْنا) والواو لا تقتضي ترتيبا ولا تعقيبا ، فإن إتيان موسى التوراة ، كان بعد رسالة هارون ، وهلاك فرعون وقومه ، ويمكن أن يجاب عن الآية ، بأن المراد بقوله : (آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) قدرنا له أن يأتيه في علمنا ، فهو إخبار عما سيحصل ، فالماضي بالنسبة لما سبق في علم الله. قوله : (أَخاهُ) مفعول أول لجعلنا ، و (هارُونَ) بدل منه ، و (وَزِيراً) مفعول ثان لجعلنا هارون معينا لموسى ، بوحي مثاله في دعوى القوم إلى التوحيد وإعلاء الكلمة ، فهو نبي ورسول بما جاء به موسى ، بخلاف وزارة علي للنبي صلىاللهعليهوسلم المستفادة من قوله عليه الصلاة والسّلام له : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» فالمراد منها مطلق الإعانة لا المشاركة في الاتصاف بالرسالة ، فإن من أثبتها لعلي فقد كفر. قوله : (بِآياتِنا) أي أدلة توحيدنا لا خصوص التسع.
قوله : (فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) عطف على محذوف قدره المفسر بقوله : (فذهبا) الخ. قوله : (لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ لَمَّا) شرطية ، وجوابها قوله : (أَغْرَقْناهُمْ) كما قال المفسر. قوله : (لطول لبثه) دفع بذلك ما يقال : لم جمع الرسل مع أنه رسول واحد وهو نوح؟ فأجاب بجوابين : الأول أنه جمعه لطول مدته في قومه ، فكأنه رسل متعددة. الثاني أن من كذب رسولا ، فقد كذب بالرسل. قوله : (وَجَعَلْناهُمْ) أي جعلنا هلاكهم وما وقع منهم. قوله : (لِلظَّالِمِينَ) وضع الظاهر موضع المضمر ، تسجيلا عليهم بوصف الظلم. قوله : (سوى ما يحل) أي ينزل بهم ، وهو بهذا المعنى بضم الحاء وكسرها ، بخلاف سائر معانيه ، فهو بالكسر لا غير.
قوله : (وَثَمُودَ) بالصرف على معنى الحي ، وتركه على معنى القبيلة ، قراءتان سبعيتان. قوله : (اسم بئر) اختلف هل هي اسم البئر التي لم تطو ، أو للبئر مطلقا ، وما قاله المفسر أحد أقوال في الرس ، وقيل هو قرية باليمن ، كان فيها بقايا ثمود ، فبعث اليهم نبي فقتلوه فهلكوا ، وقيل الأخدود ، وقيل هم أصحاب حنظلة بن صفوان النبي ، ابتلاهم الله بطير عظيم فيه من كل لون ، فسموه العنقاء لطول عنقها ، وكانت تسكن الجبال وتخطف صبيانهم ، فدعا عليها حنظلة فأصابتها الصاعقة ، ثم إنهم قتلوه فأهلكوا. قوله : (وقيل غيره) أي وهو حنظلة. قوله : (فانهارت) أي انخسفت بهم.