مِنْ طُورِ سَيْناءَ) جبل بكسر السين وفتحها ومنع الصرف للعلمية والتأنيث للبقعة (تَنْبُتُ) من الرباعي والثلاثي (بِالدُّهْنِ) الباء زائدة على الأول ومعدية على الثاني وهي شجرة الزيتون (وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) (٢٠) عطف على الدهن أي إدام يصبغ اللقمة بغمسها فيه وهو الزيت (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ) أي الإبل والبقر والغنم (لَعِبْرَةً) عظة تعتبرون بها (نُسْقِيكُمْ) بفتح النون وضمها (مِمَّا فِي بُطُونِها) أي اللبن (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ) من الأصواف والأوبار والأشعار وغير ذلك (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (٢١) (عَلَيْها) أي الإبل (وَعَلَى الْفُلْكِ) أي السفن (تُحْمَلُونَ) (٢٢) (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) أطيعوه ووحدوه (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ)
____________________________________
قوله : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ) المراد بها شجرة الزيتون ، وخصت بسيناء لأن أصلها منه ثم نقلت ، وهي أول شجرة نبتت في الأرض بعد الطوفان ، وتبقى في الأرض كثيرا ، حتى قيل إنها تعمر ثلاثة آلاف سنة. قوله : (سَيْناءَ) قيل معناه المبارك أو الحسن الملتف بالأشجار ، وهو الجبل الذي نودي عليه موسى. قوله : (منع الصرف للعلمية والتأنيث) أي وقيل للعلمية والعجمة ، لأنه اسم أعجمي نطقت به العرب ، فاختلفت فيه لغاتهم ، فقالوا سيناء بكسر السين وفتحها ، وسينين ، فهو علم مركب كامرىء القيس ومنع من الصرف ، وإن كان جزء علم ، نظرا إلى أنه عومل معاملة العلم. قوله : (والتأنيث للبقعة) أي والهمزة فيه ليست للتأنيث بل للإلحاق بقرطاس ، وهي منقلبة عن ياء أو واو ، لوقوعها متطرفة بعد ألف زائدة. قوله : (من الرباعي والثلاثي) أي فهما قراءتان سبعيتان.
قوله : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً) عبر في جانب الأنعام بالعبرة دون النبات ، لأن العبرة فيها أظهر. قوله : (مِمَّا فِي بُطُونِها) عبر بلفظ الجمع هنا ، لأن المراد هنا العموم بدليل العطف بقوله : (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) الخ ، وذكر الضمير في النحل باعتبار البعض ، فإن المراد خصوص الإناث ، بدليل الاقتصار على اللبن. قوله : (أي الابل) خصها لأنها المحمول عليها غالبا ، ويصح عوده على الأنعام ، لأن منها ما يحمل عليه أيضا كالبقر.
قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) شروع في ذكر خمس قصص غير قصة خلق آدم ، فتكون ستا : الأولى قصة نوح ، الثانية قصة هود ، الثالثة قصة القرون الآخرين ، الرابعة قصة موسى وهارون ، الخامسة قصة عيسى وأمه ، والمقصود منه اطلاع الأمة المحمدية على أحوال من مضى ، ليقتدوا بهم في الخصال ، ويتباعدوا عن خصالهم المذمومة ، ونوح لقبه واسمه قيل عبد الغفار ، وقيل عبد الله ، وقيل يشكر ، وعاش من العمر ألف سنة وخمسين ، لأنه أرسل على رأس الأربعين ، ومكث يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين ، وعاش بعد الطوفان ستين سنة ، وهذا أحد أقوال تقدمت. قوله : (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) بمنزلة التعليل لما قبله. قوله : (وهو اسم ما) أي قوله : (إِلهٍ) ، وأما لفظ (غَيْرُهُ) فيصح فيه الرفع اتباعا لمحل إله ، والجر اتباعا للفظه قراءتان. قوله : (وما قبله الخبر) أي وهو الجار والمجرور ، وما مشى عليه المفسر ، طريقة ضعيفة للنحاة ، وهي جواز إعمال ما عند مخالفة الترتيب بين خبرها واسمها ، إذا كان الخبر ظرفا ، أو جارا ومجرورا ، والمشهور إهمالها حينئذ ، فكان المناسب أن يقول : وهو مبتدأ مؤخر وما قبله