الظل الممدود (إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) (٤٦) خفيا بطلوع الشمس (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً) سائرا كاللباس (وَالنَّوْمَ سُباتاً) راحة للأبدان بقطع الأعمال (وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) (٤٧) منشورا فيه لابتغاء الرزق وغيره (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) وفي قراءة الريح (بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي متفرقة قدّام المطر ، وفي قراءة بسكون الشين تخفيفا ، وفي أخرى بسكونها وفتح النون مصدرا ، وفي أخرى بسكونها وضم الموحدة بدل النون أي مبشرات ، ومفرد الأولى نشور كرسول والأخيرة نشير (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (٤٨) مطهرا (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) بالتخفيف يستوى فيه المذكر والمؤنث ، ذكره باعتبار المكان (وَنُسْقِيَهُ) أي الماء (مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً)
____________________________________
يَسِيراً) أي قليلا شيئا فشيئا ، وذلك أن الشمس إذا طلعت ، ظهر لكل شخص ظل إلى جهة المغرب ، فكلما ارتفعت في الأفق ، نقص الظل شيئا فشيئا ، إلى أن تصل الشمس وسط السماء ، فعند ذلك ينتهي نقص الظل ، فبعض البلاد لا يبقى فيها ظل أبدا في بعض أيام السنة ، كمكة وزبيد ، وما عداها تبقى له بقية ، وهذا على حسب الأشهر القبطية ، وضبط ذلك بعضهم بقوله طزه جبا أبدوحي ، فالطاء بتسعة لطوبة ، فظل الزوال فيه تسعة أقدام ، والزاي بسبعة لأمشير ، والهاء بخمسة لبرمهات ، والجيم بثلاثة لبرمودة ، والباء باثنين لبشنس ، والألف بواحدة لبؤنة ، والألف الثانية بواحد لأبيب ، والباء باثنين لمسرى ، والداخل بأربعة لتوت ، والواو بستة لبابة ، والحاء بثمانية لهاتور ، والياء بعشرة لكيهك ، فإذا زالت الشمس ، زاد الظل جهة المشرق شيئا فشيئا ، حتى تغرب الشمس. قوله : (كاللباس) أشار بذلك إلى أنه من التشبيه البليغ بحذف الأداة ، والجامع بين المشبه والمشبه به الستر في كل. قوله : (وَالنَّوْمَ سُباتاً) من السبت وهو القطع لقطع الأعمال فيه كما قال المفسر. قوله : (بقطع الأعمال) الباء سببية ، والجار والمجرور متعلق براحة. قوله : (لابتغاء الرزق) أي طلبه.
قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) أي المبشرات وهي ثلاث : الشمال وتأتي من جهة القطب ، والجنوب تقابلها ، والصبا وتأتي من مطلع الشمس ، والدبور تأتي من المغرب وبها أهلكت قوم عاد. قوله : (وفي قراءة الريح) أي وهي سبعية أيضا ، وأل فيها للجنس. قوله : (وفي قراءة بسكون الشين) الخ ، حاصل ما ذكره المفسر من القراءات أربع ، وكلها سبعية ، الأولى والثانية جمع نشور كرسول ، والثالثة مصدر نشر ، والرابعة جمع نشير. قوله : (ومفرد الأولى) أي والثانية. قوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ) فيه التفات من الغيبة للتكلم. قوله : (طَهُوراً) أي طاهرا في نفسه مطهرا لغيره. قوله : (بَلْدَةً) أي أرضا. قوله : (بالتخفيف) أي لا غير ، لأن المخفف لما ليس ذا روح غالبا ، وأما بالتشديد لما كانت فيه الروح ، قال تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ). وقال بعضهم :
أيا سائلي تفسير ميت وميت |
|
فدونك قد فسرت ما عنه تسأل |
فما كان ذا روح فذلك ميت |
|
وما الميت إلا من إلى القبر يحمل |
قوله : (يستوي فيه المذكر) الخ ، جواب عما يقال : لم ذكر ميتا ، مع أنه نعت لبلدة وهي مؤنثة؟ وقوله : (ذكره) الخ ، جواب ثان ، فكان المناسب أن يأتي بأو. قوله : (أَنْعاماً) خصها بالذكر لأنها عزيزة عند أهلها ، لكونها سببا لحياتهم ومعاشهم. قوله : (جمع إنسان) هو الراجح ، وقيل جمع إنسي وهو معترض