فيه (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) أي بسكينة وتواضع (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ) بما يكرهونه (قالُوا سَلاماً) (٦٣) أي قولا يسلمون فيه من الإثم (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً) جمع ساجد (وَقِياماً) (٦٤) بمعنى قائمين أي يصلون بالليل (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) (٦٥) أي لازما (إِنَّها ساءَتْ) بئست (مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) (٦٦) هي ، أي موضع استقرار وإقامة (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا) على عيالهم (لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) بفتح أوله وضمه أي يضيقوا (وَكانَ) إنفاقهم (بَيْنَ ذلِكَ) الإسراف والإقتار (قَواماً) (٦٧) وسطا (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) قتلها (إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أي واحدا من الثلاثة (يَلْقَ أَثاماً) (٦٨) أي عقوبة (يُضاعَفْ) وفي قراءة يضعف بالتشديد (لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ) بجزم الفعلين بدلا وبرفعهما استئنافا (مُهاناً) (٦٩) حال (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً) منهم (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ) المذكورة (حَسَناتٍ) في
____________________________________
قوله : (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ) شروع في ذكر معاملتهم للخالق اثر معاملتهم للخلق ، وخص البيتوتة بالذكر ، لأن العبادة بالليل أبعد عن الرياء ، وفي الحديث : «لا زال جبريل يوصيني بقيام الليل ، حتى علمت أن أمتي لا ينامون» ، وأخر الليل مراعاة للفواصل. قوله : (أي يصلون بالليل) هذا صادق بصلاة العشاء والصبح في جماعة ، ولكن كلما كثرت الصلاة بالليل كان خيرا.
قوله : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ) الخ ، أي فهم مع حسن المعاملة للخالق وللخلق ، ليس عندهم غرور ولا أمن من مكر الله ، بل هم خائفون من عذابه ، وجلون من هيبته. قوله : (إِنَّ عَذابَها) الخ ، تعليل لقولهم : (رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ). قوله : (كانَ غَراماً) أي في علمه تعالى. قوله : (أي لازما) أي لزوما كليا في حق الكفار ، ولزوما بعده خروج في حق عصاة المؤمنين. قوله : (إِنَّها ساءَتْ) الفاعل ضمير مستتر يفسره التمييز المذكور ، والمخصوص بالذم محذوف قدره بقوله قوله : (مُسْتَقَرًّا) هما بمعنى واحد ، وهو الذي يشير اليه المفسر ، وقيل مستقرا ، لعصاة المؤمنين ومقاما للكافرين. قوله : (بفتح أوله) أي مع كسر التاء وضمها ، من باب ضرب ونصر ، وقوله : (وضمه) أي مع كسر التاء لا غير ، فالقراءات ثلاث سبعيات. قوله : (أي يضيقوا) أي على عيالهم مع يسارهم. قوله : (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) هو بمعنى قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) الآية.
قوله : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً) الخ ، شروع في بيان اجتنابهم للمعاصي ، اثر بيان إتيانهم الطاعات. قوله : (إِلَّا بِالْحَقِ) أي لا يقتلون النفس المحرمة بسبب من الأسباب إلا بسبب الحق ، بأن تكون مستحقة للقتل ، كالمرتد والزاني المحصن والقاتل. قوله : (أي واحدا من الثلاثة) في بعض النسخ أي ما ذكر ، وهو المناسب لقوله : (يُضاعَفْ) لأن المشرك إذا ارتكب المعاصي مع الشرك تضاعف له العقوبة. قوله : (وفي قراءة يضعف) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وكل منهما مع جزم الفعل ورفعه ، فالقراءات أربع سبعيات. قوله : (بدلا) أي من يلق بدل اشتمال. قوله : (مُهاناً) أي ذليلا حقيرا.