الآخرة (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٧٠) أي لم يزل متصفا بذلك (وَمَنْ تابَ) من ذنوبه غير من ذكر (وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) (٧١) أي يرجع إليه رجوعا فيجازيه خيرا (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) أي الكذب والباطل (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) من الكلام القبيح وغيره (مَرُّوا كِراماً) (٧٢) معرضين عنه (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا) وعظوا (بِآياتِ رَبِّهِمْ) أي القرآن (لَمْ يَخِرُّوا) يسقطوا (عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) (٧٣) بل خروا سامعين ناظرين منتفعين (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا) بالجمع والإفراد (قُرَّةَ أَعْيُنٍ) لنا بأن نراهم مطيعين لك (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) (٧٤) في الخير (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) الدرجة العليا في الجنة (بِما صَبَرُوا) على طاعة الله (وَيُلَقَّوْنَ) بالتشديد والتخفيف مع فتح الياء (فِيها) في الغرفة (تَحِيَّةً وَسَلاماً) (٧٥) من
____________________________________
قوله : (إِلَّا مَنْ تابَ) استثناء متصل من الضمير في يلق. قوله : (فَأُوْلئِكَ) اسم الإشارة راجع لقوله من تاب. قوله : (يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ) أي يمحو ما سبق منهم من المعاصي بسبب التوبة ، ويثبت مكانها الطاعات أو نيتها ، وفي القرطبي : ولا يبعد في كلام الله تعالى إذا صحت توبة العبد ، أن يصنع مكان كل سيئة حسنة.
قوله : (وَمَنْ تابَ) أي عن المعاصي بتركها والندم عليها. قوله : (وَعَمِلَ صالِحاً) أي فعل الطاعات ولو بالنية ، كمن فجأه الموت عقب التوبة. قوله : (فيجازيه خيرا) دفع بذلك ما يتوهم اتحاد الشرط والجزاء كأنه قال : من تاب وعمل صالحا ، فإنه يرجع إلى جزاء الله في الآخرة الجزاء الحسن. قوله : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) أي لا يحضرونه أو لا يشهدون به. قوله : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) أي من غير تقصد منهم له. قوله : (وغيره) أي وهو الفعل القبيح. قوله : (مَرُّوا كِراماً) أي مكرمين أنفسهم بالغض عن الفواحش. قوله : (بل خروا سامعين) الخ ، أشار بذلك إلى أن النفي مسلط على القيد فقط وهو قوله : (صُمًّا وَعُمْياناً) والمعنى إذا قرىء عليهم القرآن ، ذكروا آخرتهم ومعادهم ولم يتغافلوا ، حتى يكونوا بمنزلة من لا يسمع ولا يبصر. قوله : (مِنْ أَزْواجِنا مِنْ) للبيان. قوله : (بالجمع والإفراد) أي فهما قراءتان سبعيتان.
قوله : (قُرَّةَ أَعْيُنٍ) أي ما يحصل به سرورها. قوله : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) أي اجعلنا هداة يقتدى بنا في مواسم الخيرات والطاعات ، بأن تصفي بواطننا من غيرك ، حتى يكون حالنا سببا في هداية الخلق ، ولذا قيل : حال رجل في ألف رجل ، أنفع من وعظ ألف رجل في رجل ولفظ إمام يستوي فيه الجمع وغيره ، فالمطابقة حاصلة.
قوله : (أُوْلئِكَ) اسم الإشارة عائد على المتصفين بالأوصاف الثمانية. قوله : (الْغُرْفَةَ) اسم جنس أريد به الجمع ، والغرفة أعلى منازل الجنة وأفضلها ، كما أن الغرفة أعلى مساكن الدنيا. قوله : (بالتشديد) أي ومعناه يعطون ، والفاعل الله ، وقوله : (والتخفيف) أي فمعناه يجدون ، والقراءتان سبعيتان. قوله : (تَحِيَّةً وَسَلاماً) جمع بينهما لأن المراد بالتحية الإكرام بالهدايا والتحف ، وبالسلام سلامه