وهو اسم ما وما قبله الخبر ومن زائدة (أَفَلا تَتَّقُونَ) (٢٣) تخافون عقوبته بعبادتكم غيره (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) لأتباعهم (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ) يتشرف (عَلَيْكُمْ) بان يكون متبوعا وأنتم أتباعه (وَلَوْ شاءَ اللهُ) أن لا يعبد غيره (لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) بذلك لا بشرا (ما سَمِعْنا بِهذا) الذي دعا إليه نوح من التوحيد (فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) (٢٤) أي الأمم الماضية (إِنْ هُوَ) أي ما نوح (إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ) حالة جنون (فَتَرَبَّصُوا بِهِ) انتظروه (حَتَّى حِينٍ) (٢٥) إلى زمن موته (قالَ) نوح (رَبِّ انْصُرْنِي) عليهم (بِما كَذَّبُونِ) (٢٦) أي بسبب تكذيبهم إياي بأن تهلكهم قال تعالى مجيبا دعاءه (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ) السفينة (بِأَعْيُنِنا) بمرأى منا وحفظنا (وَوَحْيِنا) أمرنا (فَإِذا جاءَ أَمْرُنا) بإهلاكهم (وَفارَ التَّنُّورُ) للخباز بالماء وكان ذلك
____________________________________
الخبر. قوله : (أَفَلا تَتَّقُونَ) الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة عليه ، والتقدير أجهلتم فلا تتقون. قوله : (فَقالَ الْمَلَأُ) أي الأشراف. وحاصل ما ذكروه خمس مقالات : الأولى (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ). الثانية : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً). الثالثة : (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ). الرابعة : (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ). الخامسة : (فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ). ولكونها ظاهرة الفساد ، لم يتعرض لردها. قوله : (بأن يكون متبوعا) أي بادعاء الرسالة. قوله : (أن لا يعبد غيره) أشار بذلك إلى أن مفعول المشيئة محذوف. قوله : (بذلك) أي بأن لا يعبد غيره. قوله : (إلا بشرا) أي لأن الملائكة لشدة سطوتهم وعلو شأنهم ، ينقاد الخلق اليهم من غير شك ، فلما لم يفعل ذلك ، علمنا أنه ما أرسل رسولا. قوله : (حالة جنون) أي ففعلة بالكسر للهيئة. قال ابن مالك : وفعلة لهيئة كجلسة. قوله : (إلى زمن موته) أي فكانوا يقولون لبعضهم : اصبروا فإنه إن كان نبيا حقا ، فالله ينصره ويقوي أمره ، وإن كان كاذبا ، فالله يخذله ويبطل أمره فنستريح منه ، أو المراد بالحين ، الزمان الذي تظهر فيه العواقب ، فالمعنى انتظروا عاقبة أمره ، فإن أفاق وإلا فاقتلوه.
قوله : (قالَ رَبِّ انْصُرْنِي) أي قال ذلك بعد أن أيس من إيمانهم. قوله : (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ أَنِ) مفسرة لوقوعها بعد جملة فيها معنى القول دون حروفه. قوله : (بِأَعْيُنِنا) حال من الضمير في اصنع ، وجمع الأعين للمبالغة. قوله : (بمر أى منا وحفظنا) أشار بذلك إلى أن في الآية مجازا مرسلا ، لأن شأن من نظر إلى الشيء بعينه حفظه ، فأطلق اللازم وأريد الملزوم. قوله : (وَوَحْيِنا) أي تعليمنا ، فإن الله أرسل إليه جبريل ، فعلمه صنعتها وصنعها في عامين وجعل طولها ثمانين ذراعا ، وعرضها خمسين ، وارتفاعها ثلاثين ، والذراع إلى المنكب ، وهذا أشهر الروايات ، وقيل غير ذلك ، وقد تقدم في هود ، وجعلها ثلاث طباق السفلى للسباع والهوام ، والوسطى للدواب والأنعام ، والعليا للإنس. قوله : (فَإِذا جاءَ أَمْرُنا) أي ابتداء ظهوره. قوله : (وَفارَ التَّنُّورُ) عطف بيان لمجيء الأمر. روي أنه قيل لنوح عليهالسلام : إذا فار الماء من التنور ، فاركب أنت ومن معك ، وكان تنور آدم عليهالسلام من حجر تخبز فيه حواء ، فصار إلى نوح ، فلما نبع منه الماء ، أخبرته امرأته فركبوا ، واختلف في مكانه ،