مُؤْمِنِينَ) (٨) في علم الله ، وكان قال سيبويه زائدة (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) ذو العزة ينتقم من الكافرين (الرَّحِيمُ) (٩) يرحم المؤمنين (وَ) اذكر يا محمد لقومك (إِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى) ليلة رأى النار والشجرة (أَنِ) أي بأن (ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٠) رسولا (قَوْمَ فِرْعَوْنَ) معه ظلموا أنفسهم بالكفر بالله وبني إسرائيل باستعبادهم (أَلا) الهمزة للاستفهام الإنكاري (يَتَّقُونَ) (١١) الله بطاعته فيوحدونه (قالَ) موسى (رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) (١٢) (وَيَضِيقُ صَدْرِي) من
____________________________________
سيبويه كان زائدة. قوله : (ذو العزة) أي الهيبة والجلال. قوله : (ينتقم من الكافرين) أي بمظهر عزته الذي هو القهر والغلبة ، وقوله : (يرحم المؤمنين) أي بمظهر رحمته.
قوله : (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى) الخ ، ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه السورة سبع قصص : أولها قصة موسى وهارون ، ثانيها قصة إبراهيم ، ثالثها قصة نوح ، رابعها قصة هود ، خامسها قصة صالح ، سادسها قصة لوط ، سابعها قصة شعيب ، وتقدم حكمة ذكر تلك القصص ، أن بها تكون الحجة على الكافرين ، والزيادة في علم المؤمنين ، ولذا كان المؤمن من هذه الأمة أسعد السعداء ، وكافرها أشقى الأشقياء ، وحكمة التكرار الزيادة في إيمان المؤمن ، وقطع حجة الكافر ، والظرف معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله : (اذكر) ، وليس المراد به ذكر وقت المناداة ، بل المراد ذكر القصة الواقعة في ذلك الوقت. قوله : (ليلة رأى النار والشجرة) أي رأى النار موقدة في الشجرة الخضراء ، وليس هذا مبدأ ما وقع في المناداة ، وإنما هو ما فصل في سورة طه من قوله تعالى : (إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً) إلى قوله : (لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى).
قوله : (أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) يصح أن تكون (أَنِ) مصدرية كما مشى عليه المفسر ، أو مفسرة لتقدمها جملة فيها معنى القول دون حروفه ، وكان النداء بكلام نفسي ، سمعه من جميع جهاته بجميع أجزائه من غير واسطة. قوله : (رسولا) حال من فاعل (ائْتِ). قوله : (قَوْمَ فِرْعَوْنَ) بدل من القوم الظالمين ، وقوله : (معه) أي فرعون ، وهذا قد فهم بالأولى لأنه رأس الضلال. قوله : (وبني إسرائيل) معطوف على (أنفسهم) ، والتقدير وظلموا بني إسرائيل. قوله : (باستعبادهم) أي معاملتهم إياهم معاملة العبيد في استخدامهم في الأعمال الشاقة والصنائع الخسيسة نحو أربعمائة سنة ، وكانوا في ذلك الوقت ستمائة ألف وثلاثين. قوله : (للاستفهام الإنكاري) المناسب أن يقول للاستفهام التعجبي ، لأن المعنى على الإنكار فاسد ، لأنه للنفي ، ومدخولها نفي ، ونفي النفي إثبات ، فيصير المعنى أنهم اتقوا الله وليس كذلك ، ويصح أن تكون ألا للعرض.
قوله : (قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ) الخ ، اعتذار من موسى لإظهار العجز عن الأمر الذي كلفه ، وقد أتى بثلاثة أعذار ، كل واحد منها مرتب على ما قبله. قوله : (وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) هما بالرفع على الاستئناف ، أو عطف على خبر إن عند السبع ، وقرىء شذوذا بنصهما عطفا على مدخول أن ، والمقصود من هذا الاعتذار ، الإعانة على هذا الأمر المهم ، بشرح الصدر ، وطلق اللسان ، وإرسال أخيه ، والأمن من القتل ، وقد دل على ذلك قوله في سورة طه (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً