(إِنَّا إِلى رَبِّنا) بعد موتنا بأي وجه كان (مُنْقَلِبُونَ) (٥٠) راجعون في الآخرة (إِنَّا نَطْمَعُ) نرجو (أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ) أي بأن (كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) (٥١) في زماننا (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى) بعد سنين أقامها بينهم يدعوهم بآيات الله إلى الحق فلم يزيدوا إلا عتوّا (أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) بني إسرائيل ، وفي قراءة بكسر النون ووصل همزة أسرى من سرى لغة في أسرى أي سر بهم ليلا إلى البحر (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) (٥٢) يتبعكم فرعون وجنوده فيلجون وراءكم البحر فأنجيكم وأغرقهم (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ) حين أخبر بسيرهم (فِي الْمَدائِنِ) قيل كان له ألف مدينة واثنا عشر ألف قرية (حاشِرِينَ) (٥٣) جامعين الجيش قائلا (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ) طائفة (قَلِيلُونَ) (٥٤) قيل كانوا
____________________________________
مُنْقَلِبُونَ) تعليل لنفي الضمير ، وهل فعل بهم ما توعدهم به خلاف ، ولم يرد في القرآن ما يدل على أنه فعل. قوله : (في زماننا) أي من أتباع فرعون ، فلا ينافي أن بني إسرائيل سبقوهم بالايمان.
قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى) يحتمل أن يكون بتكليم الله له ، أو على لسان جبريل. قوله : (بعد سنين) أي ثلاثين ، وذلك أن موسى مكث في مصر أولا ثلاثين ، وفي مدين عشر سنين ، ثم لما رجع إلى مصر ثانيا ، مكث يدعوهم إلى الله ثلاثين سنة ، ثم أغرق الله فرعون وقومه ، وعاش بعد ذلك خمسين سنة ، فجملة عمره مائة وعشرون سنة. قوله : (بآيات الله) أي باقي التسع ، لأن موسى افتتحهم أولا بالعصا واليد فلم يؤمنوا ، فجاءهم بالسنين المجدبة ، ثم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس على أموالهم ، فلم يفد فيهم ذلك ، وقد سبق ذلك مفصلا في الأعراف.
قوله : (بِعِبادِي) الإضافة للتشريف ، والمعنى سر بعبادي المختصين برحمتي ، وإلا فالكل من حيث الخلق عباده. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (أي سر بهم ليلا) تفسير لكل من القراءتين. قوله : (إلى البحر) أي بحر القلزم ، فخرج موسى عليهالسلام ببني إسرائيل في آخر الليل ، فترك طريق الشام على يساره وتوجه جهة البحر ، فكان الرجل من بني إسرائيل يراجعه في ذلك فيقول : هكذا أمرني ربي ، فلما أصبح فرعون ، وعلم بسير موسى ببني إسرائيل ، خرج في أثرهم ، وبعث إلى مدائن مصر لتلحقه الجيوش.
قوله : (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) علة للأمر بالسير. قوله : (حين أخبر بسيرهم) روي أن قوم موسى قالوا لجماعة فرعون : إن لنا في هذه الليلة عيدا ، ثم استعاروا منهم حليهم بهذا السبب ، ثم خرجوا بتلك الأموال في الليل إلى جانب البحر ، فلما سمع فرعون ذلك جمع قومه وتبعهم. قوله : (ومقدمة جيشه) الخ ، أي وجملة جيشه ألف ألف وستمائة. قوله : (فاعلون ما يغيظنا) أي حيث خالفوا ديننا ، وطمسوا على أموالنا ، وقتلوا أبكارنا ، لما روي أن الله أمر الملائكة أن يقتلوا أبكار القبط ، وأوحى إلى موسى أن يجمع بني إسرائيل ، كل أربعة أبيات في بيت ، ثم يذبحوا أولاد الضأن ، ويلطخوا أبوابهم بدمائها لتميز الملائكة بيوت بني إسرائيل من بيوت القبط ، فدخلت الملائكة فقتلت أبكارهم ، فأصبحوا مشغولين بموتاهم ، وهذا هو سبب تأخر فرعون وقومه عن موسى وقومه.