علامة لنوح (فَاسْلُكْ فِيها) أي أدخل في السفينة (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ) أي ذكر وأنثى من كل أنواعهما (اثْنَيْنِ) ذكرا وأنثى وهو مفعول ومن متعلقة باسلك ، وفي القصة أن الله تعالى حشر لنوح السباع والطير وغيرهما فجعل يضرب بيديه في كل نوع فتقع يده اليمنى على الذكر واليسرى على الأنثى فيحملهما في السفينة وفي قراءة كل بالتنوين فزوجين مفعول واثنين تأكيد له (وَأَهْلَكَ) أي زوجته وأولاده (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ) بالإهلاك وهو زوجته وولده كنعان بخلاف سام وحام ويافث فحملهم وزوجاتهم ثلاثة ، وفي سورة هود (وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) قيل كانوا ستة رجال ونساءهم ، وقيل جميع من كانوا في السفينة ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) كفروا بترك إهلاكهم (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) (٢٧) (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ) اعتدلت (أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢٨) الكافرين وإهلاكهم (وَقُلْ) عند نزولك من الفلك (رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً) بضم الميم وفتح الزاي مصدر أو اسم مكان وبفتح الميم وكسر الزاي مكان النزول (مُبارَكاً) ذلك الإنزال أو المكان (وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) (٢٩) ما ذكر (إِنَّ فِي ذلِكَ) المذكور من أمر نوح والسفينة وإهلاك الكفار (لَآياتٍ) دلالات على قدرة الله تعالى (وَإِنْ) مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن (كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) (٣٠) مختبرين قوم نوح بإرساله إليهم ووعظه (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ
____________________________________
فقيل كان بمسجد الكوفة ، على يمين الداخل مما يلي باب كندة اليوم ، وقيل كان في عين وردة من الشام. قوله : (علامة لنوح) أي على ركوب السفينة.
قوله : (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ) أي غير البشر ، لما يأتي أنه أدخل فيها من البشر سبعين أو ثمانين. قوله : (وغيرهما) أي من كل ما يلد أو يبيض ، بخلاف ما يتولد من العفونات كالدود والبق ، فلم يحمله فيها. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (بالتنوين) أي فحذف ما أضيف إليه كل ، وعوض عن التنوين. قوله : (أي زوجته) أي المؤمنة لأنه كان له زوجتان ، إحداهما مؤمنة فأخذها معه في السفينة ، والأخرى كافرة تركها ، وهي أم ولده كنعان. قوله : (وهو زوجته) أي الكافرة. قوله : (بخلاف سام) أي وهو أبو العرب ، وحام هو أبو السودان ، ويافث هو أبو الترك. قوله : (ستة رجال) أي فالجملة اثنا عشر. قوله : (بترك إهلاكهم) متعلق بتخاطبني. قوله : (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) أي محكوم عليهم بالغرق. قوله : (وإهلاكهم) أي ونجانا من إهلاكهم.
قوله : (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً) الخ ، العبرة بعموم اللفظ ، فهذا الدعاء ينبغي قراءته لكل من نزل في محل يريد الاقامة فيه. قوله : (عند نزولك من الفلك) أي حين استوت على الجودي ، وكان يوم عاشوراء ، وابتداء ركوبه السفينة ، كان لعشر خلون من رجب ، فكان مكثهم في السفينة ستة أشهر. قوله : (بضم الميم) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وظاهره أن الوجهين على قراءة ضم الميم وليس كذلك ، بل كل من الوجهين يتأتى على كل من القراءتين. قوله : (مُبارَكاً) (ذلك الانزال) تفسير للضمير في مباركا ،