(إِلَّا) لكن (مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (٨٩) من الشرك والنفاق وهو قلب المؤمن فإنه ينفعه ذلك (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ) قربت (لِلْمُتَّقِينَ) (٩٠) فيرونها (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) أظهرت (لِلْغاوِينَ) (٩١) الكافرين (وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ) (٩٢) (مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره من الأصنام (هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ) بدفع العذاب عنكم (أَوْ يَنْتَصِرُونَ) (٩٣) بدفعه عن أنفسهم لا (فَكُبْكِبُوا) ألقوا (فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ) (٩٤) (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ) أتباعه ومن أطاعه من الجن والإنس (أَجْمَعُونَ) (٩٥) (قالُوا) أي الغاوون (وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ) (٩٦) مع معبوديهم (تَاللهِ إِنْ) مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي إنه (كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٩٧) بيّن (إِذْ) حيث (نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٩٨) في العبادة (وَما أَضَلَّنا) عن الهدى (إِلَّا الْمُجْرِمُونَ) (٩٩) أي الشياطين أو أولونا الذين اقتدينا بهم (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ) (١٠٠) كما للمؤمنين من الملائكة والنبيين والمؤمنين (وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) (١٠١) أي يهمه أمرنا (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) رجعة إلى الدنيا (فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠٢)
____________________________________
المعنى (لكن) (مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) فإنه ينتفع ، أو متصل أن جعل من المفعول الذي قدره المفسر ، والتقدير لا ينفع المال والبنون أحدا إلا الذي أتى الله بقلب سليم ، فإنه ينفعه المال والبنون. قوله : (وهو قلب المؤمن) أي فينتفع بالمال الذي أنفقه في الخير والولد الصالح بدعائه له لما في الحديث : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له».
قوله : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) أي بحيث يشاهدونها في الموقف ويعرفون ما فيها ، فتحصل لهم البهجة والسرور ، وعبر بالماضي لتحقق الحصول. قوله : (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) أي جعلت لهم بارزة ظاهرة ، بحيث يرونها مع ما فيها من أنواع العذاب ، فتحصل لهم المساءة والأحزان ، ويوقنون بأنهم مواقعوها ، ولا يجدون عنها مصرفا.
قوله : (وَقِيلَ لَهُمْ) أي على سبيل التوبيخ. قوله : (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَيْنَ) خبر مقدم ، و (ما) مبتدأ مؤخر ، و (كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ) صلة ما والعائد محذوف تقديره تعبدونه ، وقوله : (مِنْ دُونِ اللهِ) حال. قوله : (ألقوا) أي مرة بعد أخرى ، لأن الكبكبة تكرير الكب ، وهو الإلقاء على الوجه ، كأن من ألقي في النار ، ينكب مرة بعد أخرى حتى يستقر في قعرها. قوله : (الْغاوُونَ) عطف على ضمير كبكبوا ، وسوغه الفصل بالجار والمجرور وضمير الفصل. قوله : (ومن أطاعه) عطف تفسير. قوله : (وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ) الجملة حالية ، ومقول القول (تَاللهِ) الخ. قوله : (واسمها محذوف) الخ ، قد يقال إنها في الآية مهملة ، فلا اسم لها ولا خبر لوجود اللام ، قال ابن مالك : وخففت إن فقل العمل الخ.
قوله : (إِذْ نُسَوِّيكُمْ) ظرف لكونهم في ضلال مبين. قوله : (أو أولونا) أي السابقون علينا ، وهو جمع أول. قوله : (من الملائكة والنبيين) الخ ، فالشفعاء تكثر للمؤمنين لما ورد : لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة. قوله : (وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) أفرد الصديق وجمع الشفعاء ، لكثرة الشفعاء في العادة ، وقلة