لو هنا للتمني ، ونكون جوابه (إِنَّ فِي ذلِكَ) المذكور من قصة إبراهيم وقومه (لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٠٣) (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١٠٤) (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) (١٠٥) بتكذيبهم له لاشتراكهم في المجيء بالتوحيد أو لأنه لطول لبثه فيهم كأنه رسل وتأنيث قوم باعتبار معناه وتذكيره باعتبار لفظه (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ) نسبا (نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ) (١٠٦) الله (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) (١٠٧) على تبليغ ما أرسلت به (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) (١٠٨) فيما آمركم به من توحيد الله وطاعته (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) على تبليغه (مِنْ أَجْرٍ إِنْ) ما (أَجْرِيَ) أي ثوابي (إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٠٩) (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) (١١٠) كرره تأكيدا (قالُوا أَنُؤْمِنُ) نصدّق (لَكَ) لقولك (وَاتَّبَعَكَ) وفي قراءة وأتباعك جمع تابع مبتدأ (الْأَرْذَلُونَ) (١١١) السفلة كالحاكة والأساكفة (قالَ وَما عِلْمِي) أي علم لي (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١١٢)
____________________________________
الصديق والحميم القريب من قولهم حامة فلان أي خاصته أو الخالص ، ويؤيده قول المفسر (أي يهمه أمرنا) ، وقوله : (يهمه) بضم أوله وكسر ثانية ، وبفتح أوله وضم ثانيه. قوله : (ونكون جوابه) أي فهو منصوب في جواب التمني. قوله : (لَآيَةً) أي عظة لمن أراد أن يستبصر بها ويعتبر ، فإنها على أحسن ترتيب.
قوله : (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) أي بل لم يؤمن منهم إلا لوط ابن أخيه ، وسارة زوجته ، كما تقدم في سورة الأنبياء. قوله : (بتكذيبهم له) جواب عما يقال : لم جمع المرسلين ، مع أنهم إنما كذبوا رسولا واحدا وهو نوح؟ فأجاب : بأن تكذيبهم له تكذيب للباقي ، فالجمع على حقيقته ، وقوله : (أو لأنه) الخ ، جواب ثان ، وعليه فالجمع مجاز. قوله : (وتأنيث قوم) أي تأنيث الفعل المسند اليه ، وقوله : (باعتبار) معناه أي وهو الأمة والجماعة. قوله : (وتذكيره) أي تذكير الضمير العائد عليه في قوله : (إِذْ قالَ لَهُمْ) ولا مفهوم لقوم ، بل كل اسم جمع أو جمع تكسير لمذكر أو لمؤنث كذلك. قوله : (نسبا) أي لا في الدين. قوله : (نُوحٌ) تقدم أن اسمه عبد الغفار أو يشكر ، ونوح لقبه. قوله : (أَلا تَتَّقُونَ أَلا) للعرض. قوله : (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) إنما أخبر بذلك ليتبع ، وليس قصده الافتخار. قوله : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) أي امتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه.
قوله : (مِنْ أَجْرٍ مِنْ) زائدة في المفعول ، أي أجرة وجعلا. قوله : (كرره تأكيدا) أي وحسن ذلك كون الأول مرتبا على الرسالة والأمانة ، والثاني على عدم سؤاله أجرا منهم.
قوله : (قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ) الخ ، هذا من سخافة عقولهم وفساد رأيهم ، حيث جعلوا اتباع الفقراء مانعا من ايمانهم ، وأشاروا بذلك إلى أن اتباعهم ليس خالصا لوجه الله ، بل هو طمع في أن ينالهم شيء من الدنيا. قوله : (وفي قراءة) ظاهرة أنها سبعية وليس كذلك بل هي عشرية ، والمعتمد جواز القراءة بها. قوله : (وأتباعك) مبتدأ ، وخبره (الْأَرْذَلُونَ) جمع أرذل ، كالأكبرون جمع أكبر. قوله : (السفلة) المراد بهم الفقراء والضعفاء ، وسبب مبادرتهم للإيمان قلة عوائقهم ، كالرياسة والغنى ، فإن ذلك موجب للأنفة عن الاتباع.
قوله : (قالَ وَما عِلْمِي) يحتمل أن تكون (ما) استفهامية ، واليه يشير المفسر بقوله : (أي علم لي)