أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ) ما (أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٢٧) (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ) مكان مرتفع (آيَةً) بناء علما للمارّة (تَعْبَثُونَ) (١٢٨) بمن يمر بكم وتسخرون منهم ، والجملة حال من ضمير تبنون (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ) للماء تحت الأرض (لَعَلَّكُمْ) كأنكم (تَخْلُدُونَ) (١٢٩) فيها لا تموتون (وَإِذا بَطَشْتُمْ) بضرب أو قتل (بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) (١٣٠) من غير رأفة (فَاتَّقُوا اللهَ) في ذلك (وَأَطِيعُونِ) (١٣١) فيما أمرتكم به (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ) أنعم عليكم (بِما تَعْلَمُونَ) (١٣٢) (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) (١٣٣) (وَجَنَّاتٍ) بساتين (وَعُيُونٍ) (١٣٤) أنهار (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٣٥) في الدنيا والآخرة إن عصيتموني (قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا) مستو عندنا
____________________________________
تَتَّقُونَ أَلا) أداة عرض ، وهو الطلب بلين ورفق ، تأليفا لقلوب المجرمين لعلهم يهتدون. قوله : (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) تعليل لعرضه التقوى عليهم ، والمعنى إني لكم رسول أبلغكم ما أرسلت به إليكم أمين ، لا أزيد ولا أنقص.
قوله : (فَاتَّقُوا اللهَ) تقريع على قوله : (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) فحيث كنت رسولا أمينا ، فالواجب عليكم تقوى الله وطاعتي ، فطاعته من حيث كونه رسولا من عند الله لا من حيث ذاته ، ولذا لم يقل : ألا تتقون وتطيعوني. قوله : (مِنْ أَجْرٍ) أي جعل وأجرة على رسالتي. قوله : (إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) أي لأنه المرسل لي الغني المغني.
قوله : (أَتَبْنُونَ) الاستفهام للتقريع والتوبيخ ، وهو شروع في توبيخهم على أمور ثلاثة ، كل واحد منها مناف للتقوى : البناء للبعث ، واتخاذ المصانع ، والتجبر. قوله : (بِكُلِّ رِيعٍ) بكسر الراء ويقال بفتحها ، هو المكان المرتفع. قوله : (علما للمارة) أي كالعلم في الارتفاع. قوله : (بمن يمر بكم) الخ ، هذا أحد أوجه في تفسير متعلق البعث ، وقيل : (تَعْبَثُونَ) بالبناء لظنهم أن المارة يحتاجون إلى البناء ليهتدوا به في الأسفار ، مع أنهم يستغنون عنه بالنجوم ، وقيل المعنى تبنون بروج الحمام لتعبثوا بها ، وقيل المعنى تبنون بنيانا يجتمعون فيه للعبث ، وكل صحيح واقع منهم. قوله : (مَصانِعَ) جمع مصنعة بفتح الميم مع فتح النون أو ضمها ، وهو الحوض والبركة تحت الأرض كالصهاريج. قوله : (كأنكم) فسر لعل بكان بدليل القراءة الشاذة كأنكم تخلدون ، والأولى إبقاء لعل على بابها من الترجي ، ويكون المعنى : راجين أن تخلدوا في الدنيا بسبب عملكم عمل من يرجو ذلك ، لأن مجيء لعل بمعنى كأن لم يرد.
قوله : (وَإِذا بَطَشْتُمْ) أي فعلتم فعل الجبارين من الضرب بالسياط والقتل بالسيف. قوله : (فَاتَّقُوا اللهَ) (في ذلك) أي فيما تقدم من الأمور الثلاثة. قوله : (الَّذِي أَمَدَّكُمْ) أي أعطاكم المدد وهو النعم. قوله : (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ) بدل مما قبله بدل مفصل من مجمل. قوله : (وَبَنِينَ) أي ذرية. قوله : (وَجَنَّاتٍ) جمع جنة.
قوله : (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) أي إن دمتم على مخالفتي ، ولم تشكروا هذه النعم بعد بعثني. قوله : (في الدنيا) أي بالريح العقيم ، وقوله : (وفي الآخرة) أي بالخلود في النار. قوله : (أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ