هَضِيمٌ) (١٤٨) لطيف لين (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) (١٤٩) بطرين وفي قراءة فارهين حاذقين (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) (١٥٠) فيما أمرتكم به (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ) (١٥١) (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) بالمعاصي (وَلا يُصْلِحُونَ) (١٥٢) بطاعة الله (قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) (١٥٣) الذين سحروا كثيرا حتى غلب على عقلهم (ما أَنْتَ) أيضا (إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (١٥٤) في رسالتك (قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ) نصيب من الماء (وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) (١٥٥) (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٥٦) بعظم العذاب (فَعَقَرُوها) أي عقرها بعضهم برضاهم (فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ) (١٥٧) على عقرها (فَأَخَذَهُمُ
____________________________________
ذلك ، بل الواجب عليكم ترك الفاني والاشتغال بالباقي. قوله : (فِي جَنَّاتٍ) بدل من قوله : (هاهُنا) بإعادة الجار. قوله : (وَنَخْلٍ) هو اسم جنس جمعي ، واحده نخلة ، يذكر ويؤنث ، وأما النخيل بالياء فمؤنثة اتفاقا. قوله : (طَلْعُها) هو ثمرها في أول ما يطلع كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو ، وبعده الا غريض ، ويسمى خلالا ثم البلح ثم الزهو ثم البسر ثم الرطب ثم التمر ، يجمعها قولك : طاب زبرت ، فأطوار النخيل سبعة كأطوار الإنسان ، ولذا ورد في الحديث : «أكرموا عماتكم النخل» ، وأفرد النخل بالذكر لفضله على سائر الأشجار.
قوله : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) أي لطول أعماركم ، فإن السقوف والأبنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم ، لأن الواحد منهم كان يعيش ثلاثمائة سنة إلى ألف. قوله : (بطرين) أي لنعم ربكم. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (حاذقين) أي ماهرين في العمل. قوله : (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ) الإسناد مجازي في النسبة ، والأصل لا تطيعوا المسرفين في أمرهم. قوله : (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) صفة للمسرفين. قوله : (وَلا يُصْلِحُونَ) دفع بذلك ما يتوهم أنه يقع منهم الاصلاح في بعض الأوقات. قوله : (ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) أي فكيف تدعي أنك رسول إلينا.
قوله : (قالَ هذِهِ ناقَةٌ) الإشارة اليها بعد أن خرجت من الصخرة بدعائه كما طلبوا ، عن أبي موسى الأشعري قال : رأيت مبركها فإذا هو ستون ذراعا في ستين ذراعا. قوله : (لَها شِرْبٌ) الخ ، أمرهم صالح بأمرين : الأول قوله : (لَها شِرْبٌ) والثاني قوله : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ). قوله : (نصيب من الماء) أي فهي تشرب منه يوما ، وأنتم تشربون منه يوما ، لا تزاحمكم ولا تزاحموها ، وفي يومها تشربون من لبنها.
قوله : (فَعَقَرُوها) أي يوم الثلاثاء ، وأخذهم العذاب يوم السبت ، وقد جعل لهم علامة على نزول العذاب بهم ، وهو أنهم في اليوم الأول تصفر وجوههم ، ثم تحمر في اليوم الثاني ، ثم تسود في اليوم الثالث. قوله : (أي عقرها بعضهم) أي وهو قدار ، وكان قصيرا أزرق ، وكان ابن زنا ، ضربها في ساقيها بالسيف. قال السدي وغيره : أوحى الله إلى صالح ، أن قومك سيعقرون ناقتك ، فقال لهم ذلك ، فقالوا : ما كنا لنفعل ، فقال لهم صالح : إنه سيولد في شهركم هذا غلام يعقرها ، ويكون هلاككم على يديه ، فقالوا : لا يولد في هذا الشهر ذكر إلا قتلناه ، فولد لتسعة منهم في ذلك الشهر ، فذبحوا أبناءهم ، ثم للعاشر فأبى أن يذبح ابنه ، وكان لم يولد له قبل ذلك ، فكان ابن العاشر أزرق أحمر ، فنبت نباتا سريعا ،