(نَتَّبِعْكُمْ) لنأخذ منها (يُرِيدُونَ) بذلك (أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) وفي قراءة كلم الله بكسر اللام أي مواعيده بغنائم خيبر أهل الحديبية خاصة (قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) أي قبل عودنا (فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا) أن نصيب معكم من الغنائم فقلتم ذلك (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ) من الدين (إِلَّا قَلِيلاً) (١٥) منهم (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ) المذكورين اختبارا (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي) أصحاب (بَأْسٍ شَدِيدٍ) قيل : هم بنو حنيفة أصحاب اليمامة ، وقيل : فارس والروم (تُقاتِلُونَهُمْ) حال مقدرة هي المدعو إليها في المعنى (أَوْ) هم (يُسْلِمُونَ) فلا
____________________________________
خيبر ، وجعل مغانمها لمن شهد الحديبية خاصة ، عوضا عن غنائم أهل مكة ، حيث انصرفوا عنهم ، ولم يصيبوا منهم شيئا ، وكان المتولي للقسمة بخيبر ، جبار بن صخر الأنصاري من بني سلمة ، وزيد بن ثابت من بني النجار ، كانا حاسبين قاسمين ، وأمر صلىاللهعليهوسلم بالقسم لمن حضر من أهل الحديبية ومن غاب ، ولم يغب منهم عنها غير جابر بن عبد الله ، فقسم له صلىاللهعليهوسلم كسهم من حضر. قوله : (ذَرُونا) أي دعونا ، وهذا الفعل هجر مصدره وماضيه واسم فاعله استغناء بمادة ترك ، وأصل مادته : وذر يذر وذرا ، فهو واذر ، والأمر منه ذر ، وهذه الجملة مقول القول.
قوله : (يُرِيدُونَ) إما مستأنف أو حال من (الْمُخَلَّفُونَ). قوله : (أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) أي يغيروا وعد الله الذي وعد أهل الحديبية به ، من جعل غنائم خيبر لهم ، عوضا عن فتح مكة في ذلك العام. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (لَنْ تَتَّبِعُونا) نفي في معنى النهي للمبالغة. قوله : (كَذلِكُمْ) أي مثل هذا القول وهو لن تتبعونا. قوله : (قالَ اللهُ) أي حكم بأن غنيمة خيبر ، لمن شهد الحديبية ، ليس لغيرهم فيها نصيب. قوله : (فَسَيَقُولُونَ) أي عند سماعهم النهي. قوله : (بَلْ تَحْسُدُونَنا) أي فليس هذا النهي حكما من الله تعالى ، بل هو حسد منكم لنا على مشاركتكم في الغنائم. قوله : (من الدين) أشار بذلك إلى أن الإضراب الأول معناه رد منهم أن يكون حكم الله أن يتبعوهم وإثبات الحسد ، والثاني إضراب عن وصفهم ، بإضافة الحسد إلى المؤمنين إلى وصفهم بما هو أهم ، وهو الجهل وقلة الفهم.
قوله : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ) كرر وصفهم بهذا الاسم ، إشعارا بشناعته ، ومبالغة في ذمهم. قوله : (قيل هم بنو حنيفة) أي وهم جماعة مسيلمة الكذاب ، والداعي للمخلفين على قتالهم حينئذ أبو بكر بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوسلم. قوله : (أصحاب اليمامة) اسم لبلاد في اليمن ، ولامرأة كانت بها ويقال لها زرقاء ، كانت تبصر الركب من مسيرة ثلاثة أيام. قوله : (وقيل فارس والروم) أي والداعي لهم عمر بن الخطاب ، وقيل : إن ذلك في هوازن وغطفان يوم حنين ، والداعي لهم رسول الله ، إن قلت : إن الله تعالى أمر رسوله أن لا يدعو المخلفين إلى الجهاد في قوله : (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) وحينئذ فيبعد أن ذلك في غزوة حنين ، والداعي لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وأجيب : بأنه لا بعد ، إذ قوله : (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) الخ ، إنما نزلت بعد الفتح في غزوة تبوك ، فتحصل أن الأقوال ثلاثة ، وكل صحيح. قوله : (أَوْ يُسْلِمُونَ) أشار بذلك إلى أن الجملة مستأنفة ، وليست أو بمعنى إلى ، أو إلا ، وإلا لنصب الفعل بحذف النون ، ومعنى (يُسْلِمُونَ) ينقادون ولو بعقد الجزية ، فإن الروم نصارى ، وفارس مجوس ، وكل منهما يقر