(ذلِكَ) أي الوصف المذكور (مَثَلُهُمْ) صفتهم (فِي التَّوْراةِ) مبتدأ وخبره (وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) مبتدأ خبره (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ) بسكون الطاء وفتحها فراخه (فَآزَرَهُ) بالمد والقصر ، قوّاه وأعانه (فَاسْتَغْلَظَ) غلظ (فَاسْتَوى) قوي واستقام (عَلى سُوقِهِ) أصوله جمع ساق (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) أي زراعه لحسنه مثل الصحابة رضي الله عنهم بذلك ، لأنهم بدؤوا في قلة وضعف ، فكثروا وقووا على أحسن الوجوه (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) متعلق بمحذوف دل عليه ما قبله ، أي شبهوا بذلك (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ) أي الصحابة ومن لبيان الجنس لا للتبعيض ، لأنهم كلهم بالصفة المذكورة (مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (٢٩) الجنة ، وهما لمن بعدهم أيضا في آيات.
____________________________________
وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) اختلف في تلك السيما ، فقيل : إن مواضع سجودهم يوم القيامة ترى كالقمر ليلة البدر ، وقيل : هو صفرة الوجوه من سهر الليل ، وقيل : الخشوع الذي يظهر على الأعضاء ، حتى يتراءى أنهم مرضى وليسوا بمرضى ، وليس المراد به ما يصنعه بعض الجهلة المرائين من العلامة في الجبهة ، فإنه من فعل الخوارج ، وفي الحديث : «إني لأبغض الرجل وأكرهه إذا رأيت بين عينيه أثر السجود». قوله : (من ضميره) أي من ضمير ما تعلق به الخبر وهو كائنة. قوله : (المنتقل إلى الخبر) أي وهو الجار والمجرور. قوله : (أي الوصف المذكور) أي وهو كونهم (أَشِدَّاءُ رُحَماءُ تَراهُمْ رُكَّعاً) الخ ، (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ) الخ. قوله : (مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ) أي وصفهم العجيب الجاري في الغرابة مجرى الأمثال. قوله : (مبتدأ وخبره) أي أن قوله : (مَثَلُهُمْ) مبتدأ خبره قوله : (فِي التَّوْراةِ) والجملة خبر عن ذلك. قوله : (وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) الخ ، ويصح أن يكون مبتدأ خبره قوله : (كَزَرْعٍ) وحينئذ فيوقف على قوله : (فِي التَّوْراةِ) ويكونان مثلين ، وعليه مشى المفسر ، ويصح أنه معطوف على (مَثَلُهُمْ) الأول ، وحينئذ فيوقف على قوله : (الْإِنْجِيلِ) ويكونان مثلا واحدا في الكتابين ، وقوله : (كَزَرْعٍ) خبر لمحذوف أي مثلهم كزرع الخ ، وهو كلام مستأنف. قوله : (بسكون الطاء وفتحها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، والشطء أفراخ النخل ، والزرع أوراقه. قوله : (فراخه) بكسر الفاء جمع فرخ كفرع ، لفظا ومعنى. قوله : (بالمد) أي وأصله أأزره بوزن أكرمه ، قلبت الهمزة الثانية ألفا للقاعدة المعلومة ، وقوله : (والقصر) أي فهو من باب ضرب ، وهما قراءتان سبعيتان. قوله : (غلظ) أي فهو من باب استحجر الطير. قوله : (عَلى سُوقِهِ) متعلق باستوى. قوله : (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) الجملة حالية ، والمعنى حال كونه معجبا. قوله : (فكثروا) هو مأخوذ من قوله : (أَخْرَجَ شَطْأَهُ) وقوله : (فَآزَرَهُ) مأخوذ من قوله : (فَاسْتَغْلَظَ) وقوله : (على أحسن الوجوه) مأخوذ من قوله : (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ). قوله : (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) تعليل لما دل عليه التشبيه كأنه قال : إنما قواهم وكثرهم ليغيظ الخ. قوله : (لبيان) أي لا للتبعيض كما زعمه بعضهم. قوله : (لمن بعدهم) أي كالتابعين وأتباعهم إلى يوم القيامة. قوله : (في آيات) متعلق بما تعلق به قوله : (لمن بعدهم) والمعنى : وهما ثابتان لمن بعد الصحابة في آيات كقوله تعالى (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) ـ إلى قوله ـ (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ).