غَفُورٌ) للمؤمنين (رَحِيمٌ) (١٤) بهم (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) أي الصادقون في إيمانهم كما صرح به بعد (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا) لم يشكوا في الإيمان (وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) فجهادهم يظهر صدق إيمانهم (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (١٥) في إيمانهم لا من قالوا آمنا ولم يوجد منهم غير الإسلام (قُلْ) لهم (أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ) مضعف علم بمعنى شعر أي أتشعرونه بما أنتم عليه في قولكم آمنا (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٦) (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) من غير قتال بخلاف غيرهم ممن أسلم بعد قتاله منهم (قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ) منصوب بنزع الخافض الباء ويقدر قبل أن في الموضعين (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٧) في قولكم آمنا (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ما غاب فيهما (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٨) بالياء والتاء لا يخفى عليه شيء منه.
____________________________________
لات يليت كباع يبيع ، فحذفت منه عين الكلمة وهي الياء ، وقيل : هو من ولت يلت ، كوعد يعد ، فحذفت منه فاء الكلمة وهي الواو قوله : (وبإبداله ألفا) أي فالقراءات ثلاثة سبعيات.
قوله : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) مبتدأ خبره قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا.) قوله : (ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا) أتى بثم إشارة إلى أن نفي الريب لم يكن وقت حصول الإيمان ، بل هو حاصل فيما يستقبل فكأنه قال : ثم داموا على ذلك. قوله : (فِي سَبِيلِ اللهِ) أي طاعته. قوله : (فجهادهم يظهر صدق إيمانهم) أي أن الجهاد في سبيل الله ، دل على أنهم صادقون في الإيمان وليسوا منافقين ، وهو جواب عن سؤال وهو أن العمل ليس من الإيمان ، فكيف ذكر أنه منه في هذه الآية؟ وإيضاح الجواب عنه : أن المراد من الآية الإيمان الكامل. قوله : (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) فيه تعريض بكذب الأعراب في ادعائهم الإيمان ، فلما نزلت هاتان الآيتان ، أتت الأعراب رسول الله يحلفون أنهم مؤمنون صادقون ، وعلم الله منهم غير ذلك ، فأنزل الله (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ) الخ. قوله : (مضعف علم بمعنى شعر) أي وهو بهذا المعنى متعد لواحد فقط ، وبواسطة التضعيف يتعدى لاثنين ، أولهما بنفسه ، والثاني بحرف الجر. قوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ) الخ ، الجملة حالية.
قوله : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) أي يعطون إسلامهم منه عليك. قوله : (من غير قتال) أي لك ولأصحابك. قوله : (ويقدر) أي الخافض الذي هو الباء. والحاصل أنه مقدر في ثلاثة مواضع : الأول منها قوله : (أَنْ أَسْلَمُوا.) الثاني قوله : (قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ.) الثالث قوله : (أَنْ هَداكُمْ) فموضعان فيهما (أَنْ) وموضع خال عنها. قوله : (أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ) أي على حسب زعمكم ، كأنه قال : إن إيمانكم على فرض حصوله منه من الله عليكم. قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه. قوله : (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي فلا يخفى عليه شيء فيهما. قوله : بالياء) أي نظرا لقوله : (يَمُنُّونَ) وما بعده ، وقوله : (والتاء) أي نظرا لقوله : (لا تَمُنُّوا) وهما قراءتان سبعيتان.