وهو الأيدي والأرجل وغيرها ، ويقال للكافر (لَقَدْ كُنْتَ) في الدنيا (فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) النازل بك اليوم (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ) أزلنا غفلتك بما تشاهده اليوم (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٢٢) حادّ تدرك به ما أنكرته في الدنيا (وَقالَ قَرِينُهُ) الملك الموكل به هذا ما أي الذي (لَدَيَّ عَتِيدٌ) (٢٣) حاضر فيقال لمالك (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) أي ألق ألق ، أو ألقين ، وبه قرأ الحسن ، فأبدلت النون ألفا (كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) (٢٤) معاند (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) كالزكاة (مُعْتَدٍ) ظالم (مُرِيبٍ) (٢٥) شاكّ في دينه (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) مبتدأ ضمن معنى الشرط خبره (فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ) (٢٦) تفسيره مثل ما تقدم (قالَ قَرِينُهُ) الشيطان (رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) أضللته (وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) (٢٧) فدعوته فاستجاب لي وقال هو أطغاني بدعائه لي (قالَ) تعالى (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَ) أي ما ينفع الخصام هنا (وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ) في الدنيا
____________________________________
والشهيد على أقوال : أشهرها ما قاله المفسر ، وقيل سائق كاتب السيئات ، والشهيد كاتب الحسنات ، وقيل السائق نفسه أو قرينه ، والشهيد جوارحه أو أعماله ، وقيل غير ذلك. قوله : (ويقال للكافر) هذا أحد قولين ، وقيل إن القول يقع للمسلم أيضا ، لكن على سبيل التهنئة ، ومعنى (كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ) كنت في حجاب لم تشاهده بالبصر ، إذ ليس راء كمن سمع ، فكشفنا عنك غطاءك ، فاهنأ بما رأيت ، وتمل بما أعطيت من النعيم المقيم.
قوله : (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ) أي حجابك ، وهو الغفلة والانهماك في الشهوات. قوله : (حاد) أي نافذ لزوال المانع للإبصار. قوله : (الملك الموكل به) أي في الدنيا لكتابة أعماله ، وهو الرقيب العتيد المتقدم ذكره ، والمعنى أن الملك يقول : هذا عمله المكتوب عندي حاضر لدي ، وقيل : المراد بقرينه الشيطان المقيض له ، واسم الإشارة عائد على ذات الشخص الكافر ، والمعنى يقول الشيطان : هذا الشخص الذي عندي حاضر معد ومهيأ للنار.
قوله : (هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) يصح أن تكون (ما) نكرة موصوفة ، و (عَتِيدٌ) صفتها ، و (لَدَيَ) متعلق بعتيد ، أي هذا شيء حاضر عندي ، ويصح أن تكون (ما) موصولة بمعنى الذي و (لَدَيَ) صلتها ، و (عَتِيدٌ) خبر الموصول ، والموصول وصلته خبر اسم الإشارة. قوله : (أي ألق ألق) الخ ، لما جعل المفسر الخطاب للواحد ، احتاج للجواب عن التثنية في قوله : (أَلْقِيا) فأجاب بجوابين ، الأول : أنه تثنية بحسب الصورة ، والأصل أن الفعل مكرر للتوحيد ، فحذف الثاني وعبر عنهما بضمير التثنية ، فعلى هذا يعرب بحذف النون ، والألف فاعل. الثاني : أن الألف ليست للتثنية ، بل هي منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة ، وأجرى الوصل هنا مجرى الوقف. قوله : (وبه قرأ الحسن) أي وهي قراءة شاذة. قوله : (معاند) أي معرض عن الحق مخالف له. قوله : (مبتدأ ضمن معنى الشرط) المناسب أن يقول : مبتدأ يشبه الشرط. قوله : (تفسيره) أي تخريجه مثل ما تقدم ، من حيث الاعتذار عن التثنية.
قوله : (قالَ قَرِينُهُ) الخ ، أي جوابا عما ادعاء الكافر عليه بقوله : هو أطغاني ، فالكافر أولا : يقول : الشيطان أطغاني. فيجيبه الشيطان بقوله : (رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) وكان الأولى للمفسر أن يقدم قوله : (هو أطغاني) بأن يقول : وقال قرينه ، جوابا لقوله : (هو أطغاني) (رَبَّنا) الخ. قوله : (لا تَخْتَصِمُوا)