عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) (٧) لنازل بمستحقه (ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) (٨) عنه (يَوْمَ) معمول لواقع (تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) (٩) تتحرك وتدور (وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) (١٠) تصير هباء منثورا وذلك في يوم القيامة (فَوَيْلٌ) شدة عذاب (يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١١) الرسل (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ) باطل (يَلْعَبُونَ) (١٢) أي يتشاغلون بكفرهم (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) (١٣) يدفعون بعنف ، بدل من يوم تمور ، ويقال لهم تبكيتا (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) (١٤) (أَفَسِحْرٌ هذا) العذاب الذي ترون كما كنتم تقولون في الوحي : هذا سحر (أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) (١٥) (اصْلَوْها فَاصْبِرُوا) عليها (أَوْ لا تَصْبِرُوا) صبركم وجزعكم (سَواءٌ عَلَيْكُمْ) لأن صبركم لا ينفعكم (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ
____________________________________
الممتلىء ماء ، وقيل البحر المسجور هو الممتلىء نارا ، لما ورد : أن الله تعالى يجعل البحار كلها يوم القيامة نارا فيزاد بها في نار جهنم ، وقيل هو بحر تحت العرش عمقه كما بين سبع سماوات إلى سبع أرضين ، فيه ماء غليظ يقال له بحر الحيوان ، يمطر العباد بعد النفخة الأولى منه أربعين صباحا ، فينبتون من قبورهم. قوله : (معمول لواقع) أي والجملة المنفية معترضة بين العامل ومعموله. قوله : (تتحرك وتدور) أي كدوران الرحى ، وتذهب ويدخل بعضها في بعض ، وتختلف أجزاؤها ، وتتكفأ بأهلها تكفؤ السفينة. قوله : (تصير هباء منثورا) ليس تفسيرا لتسير كما توهمه عبارته ، بل معناه أنها تنتقل عن مكانها ، وتطير في الهواء ، ثم تقع على الأرض متفتتة كالرمل ، ثم تصير كالعهن ، أي الصوف المندوف ، ثم تطيرها الرياح فتصير هباء منثورا ، والحكمة في مور السماء وسير الجبال ، الإعلام بأنه لا رجوع ولا عود إلى الدنيا ، وذلك لأن الأرض والسماء وما بينهما ، إنما خلقت لعمارة الدنيا ، وانتفاع بني آدم ذلك ، فلما لم يبق لهم عود إليها ، أزالها الله لخراب الدنيا وعمارة الآخرة ، فيحصل للمؤمنين مزيد السرور وطمأنينته ، وللكافرين غاية الحزن والكرب. قوله : (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ) أي يوم تمور السماء مورا ، وتسير الجبال سيرا ، وهو يوم القيامة. قوله : (فِي خَوْضٍ) هو في الأصل الدخول في كل شيء ، ثم غلب على الدخول في الباطل ، فلذا فسره به. قوله : (يُدَعُّونَ) العامة على فتح الدال وتشديد العين من دعّه ، دفعه في صدره بعنف وشدة ، وقرىء شذوذا بسكون الدال وتخفيف العين المفتوحة من الدعاء ، أي يقال لهم : هلموا فادخلوا النار. قوله : (يدفعون بعنف) أي وذلك بأن تغل أيديهم إلى أعناقهم ، وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم ، فيدفعون إلى النار. قوله : (كما كنتم تقولون في الوحي) أي القرآن الجاثي بالعذاب. قوله : (أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) يصح أن تكون (أَمْ) متصلة معادلة للهمزة. والمعنى : هل في أمرنا سحر؟ أم هل في بصركم خلل؟ والاستفهام إنكاري وتهكم ، أي ليس واحد منهما ثابتا ، ويصح أن تكون (أَمْ) منقطعة تفسر ببل والهمزة ، والمعنى : أبل أنتم عمي من العذاب المخبر ، كما كنتم عميا عن الخبر.
قوله : (اصْلَوْها) أي ذوقوا حرارتها. قوله : (صبركم وجزعكم) (سَواءٌ) أشار بذلك إلى أن (سَواءٌ) خبر لمحذوف ، ويصح أن يكون مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير سواء الصبر والجزع ، والأول أولى ، لأن جعل النكرة خبرا أولى من جعلها مبتدأ. قوله : (لأن صبركم لا ينفعكم) أي لا ينزعكم من ديوان الرحمة ، بخلاف الدنيا ، فإن الصبر فيها على المكاره ، من أعظم موجبات الرحمة. قوله : (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) تعليل لاستواء الصبر وعدمه. قوله : (أي جزاءه) أشار بذلك إلى أن الكلام