تَعْمَلُونَ) (١٦) أي جزاءه (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) (١٧) (فاكِهِينَ) متلذذين (بِما) مصدرية (آتاهُمْ) أعطاهم (رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (١٨) عطفا على آتاهم ، أي بإتيانهم ووقايتهم ، ويقال لهم (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) حال أي مهنئين (بِما) الباء سببية (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٩) (مُتَّكِئِينَ) حال من الضمير المستكن في قوله تعالى (فِي جَنَّاتٍ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) بعضها إلى جنب بعض (وَزَوَّجْناهُمْ) عطف على في جنات أي قرناهم (بِحُورٍ عِينٍ) (٢٠) عظام الأعين حسانها (وَالَّذِينَ آمَنُوا) مبتدأ (وَاتَّبَعَتْهُمْ) معطوف على آمنوا (ذُرِّيَّتُهُمْ) الصغار والكبار (بِإِيمانٍ) من الكبار ومن الآباء في الصغار ، والخبر (أَلْحَقْنا بِهِمْ
____________________________________
على حذف مضاف.
قوله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ) الخ ، مقابل قوله (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) إنما أتى بأوصاف المتقين عقب أوصاف المكذبين ، ليحصل الترغيب والترهيب ، كما هو عادته سبحانه وتعالى. قوله : (وَنَعِيمٍ) أي تنعم بتلك الجنات ، إذ لا يلزم من كونه في جنات أنه يتنعم بها ، فأفاد أنهم مع كونهم في جنات يتنعمون ويتفكهون بها. قوله : (فاكِهِينَ) العامة على قراءته بالألف ، أي ذوي فاكهة كثيرة ، كما يقال لابن وتامر ، أي ذو لبن وذو تمر ، وقرىء شذوذا فكهين بغير ألف ، أي متنعمين متلذذين ، إذا علمت ذلك ، فالمناسب للمفسر تفسيره بذوي فاكهة لا بمتلذذين. قوله : (أي بإتيانهم ووقايتهم) إنما جعلها مصدرية في المعطوف والمعطوف عليه ، لما يلزم عليه من خلو الصلة في المعطوف عن العائد لو جعلت موصولة ، والأحسن أن تجعل موصولة ، ويجعل قوله : (وَقاهُمْ) معطوفا على قوله : (فِي جَنَّاتٍ).
قوله : (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ما مصدرية والباء سببية. والمعنى : أن الملائكة تقول لأهل الجنة : كلوا واشربوا متهنئين بسبب عملكم ، وهذا من مزيد السرور والتكرمة ، على حسب عادة الكرام في منازلهم ، وإلا فذلك من فضل الله وإحسانه. قوله : (عَلى سُرُرٍ) جمع سرير ، قال ابن عباس : هي سرر من ذهب ، مكللة بالدر والزبرجد والياقوت ، والسرير كما بين مكة وأيلة ، وورد أن ارتفاع السرر خمسمائة عام ، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها قربت منه ، فإذا جلس عليها عادت إلى حالها ، وفي الكلام حذف تقديره على نمارق على سرر. قوله : (أي قرناهم) أي جعلناهم مقارنين لهن ، وفي ذلك إشارة إلى جواب سؤال مقدر تقديره : إن الحور العين في الجنات مملوكات بملك اليمين لا بعقد النكاح ، فأجاب : بأن التزويج ليس بمعنى عقد النكاح ، بل بمعنى المقارنة. قوله : (عظام الأعين) تفسير لعين جمع عيناء ، وأما الحور فهو من الحور ، وهو شدة البياض.
قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) مبتدأ خبره قوله : (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) والذرية تطلق على الأصول والفروع ، قال تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) والمعنى : أن المؤمن إذا كان عمله أكثر ، ألحق به من دونه في العمل إبنا كان أو أبا ، ويلحق بالذرية من النسب الذرية بالسبب وهو المحبة ، فإن حصل مع المحبة تعليم علم أو عمل ، كان أحق باللحوق كالتلامذة ، فإنهم يلحقون بأشياخهم ، وأشياخ الأشياخ يلحقون بالأشياخ ، إن كانوا دونهم في العمل ، والأصل في ذلك عموم قوله صلىاللهعليهوسلم : «إذا دخل أهل الجنة الجنة سأل أحدهم عن أبويه وعن زوجته وولده فيقال : إنهم لم يدركوا ما أدركت ،