الملائكة بنات الله ، قال تعالى (أَمْ لَهُ الْبَناتُ) أي بزعمكم (وَلَكُمُ الْبَنُونَ) (٣٩) تعالى الله عما زعموه (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً) على ما جئتهم به من الدين (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ) غرم ذلك (مُثْقَلُونَ) (٤٠) فلا يسلمون (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ) أي علمه (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) (٤١) ذلك حتى يمكنهم منازعة النبي صلىاللهعليهوسلم في البعث وأمور الآخرة بزعمهم (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً) بك ليهلوك في دار الندوة (فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) (٤٢) المغلوبون المهلكون ، فحفظه الله منهم ، ثم أهلكهم ببدر (أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٤٣) به من الآلهة ، والاستفهام بأم في مواضعها للتقبيح والتوبيخ (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً) بعضا (مِنَ السَّماءِ ساقِطاً) عليهم كما قالوا فأسقط علينا كسفا من السماء ، أي تعذيبا لهم (يَقُولُوا) هذا (سَحابٌ مَرْكُومٌ) (٤٤) متراكب نروى به ولا يؤمنوا (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) (٤٥) يموتون (يَوْمَ لا يُغْنِي) بدل من يومهم (عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٤٦) يمنعون من العذاب في الآخرة (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) بكفرهم
____________________________________
قوله : (وَلَكُمُ الْبَنُونَ) أي لتكونوا أقوى منه ، فإذا كذبتم رسله ، تكونون آمنين لقوتكم بالبنين ، وزعمكم ضعفه بالبنات. قوله : (تعالى الله عما زعموه) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري. قوله : (مُثْقَلُونَ) أي متعبون ومغتمون ، لأن العادة أن من غرم شخصا ما ، لا يكون المأخوذ منه كارها للآخذ ومغتما منه. قوله : (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ) جواب لقولهم (نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) والمعنى : أعندهم علم الغيب بأن الرسول يموت قبلهم؟ فهم يكتبون ذلك.
قوله : (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً) أي مكرا وتحيلا في هلاكك. قوله : (في دار الندوة) إن قلت : السورة مكية ، والاجتماع بدار الندوة كان ليلة الهجرة ، فالتقييد بها مشكل ، فالأوضح حذف قوله في دار الندوة ، لأن إرادة الكيد حاصلة منهم من يوم بعثته صلىاللهعليهوسلم. قوله : (فَالَّذِينَ كَفَرُوا) أوقع الظاهر موقع المضمر ، تشنيعا وتقبيحا عليهم بصفة الكفر. قوله : (ثم أهلكهم ببدر) أي أهلك رؤساءهم وهم سبعون. قوله : (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي تنزه الله عما ينسبونه له من الشركة في الألوهية. قوله : (والاستفهام بأم) أي المقدرة ببل والهمزة أو بالهمزة وحدها ، وقوله : (في مواضعها) أي وهي خمسة عشر. قوله : (للتقبيح والتوبيخ) أي والإنكار.
قوله : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً) أي على فرض حصوله ، فإنه لم يحصل لقوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) والمعنى : لو عذبناهم بسقوط قطع من السماء عليهم ، لم ينتهوا ولم يرجعوا ، ويقولون في هذا النازل عنادا واستهزاء وإغاظة لمحمد إنه سحاب مركوم. قوله : (فأسقط علينا كسفا) هذه الآية إنما وردت في قوم شعيب ، كما ذكر في سورة الشعراء ، فكان الأولى للمفسر أن يستدل بما نزل في قريش في سورة الإسراء وهو قوله : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً). قوله : (فَذَرْهُمْ) جواب شرط مقدر ، والمعنى : إذا بلغوا في العناد إلى هذا الحد ، وتبيّن أنهم لا يرجعون عن الكفر ، فدعهم ولا تلتفت لهم. قوله : (يُصْعَقُونَ) هكذا ببنائه للفاعل والمفعول ، قراءتان سبعيتان. قوله : (ويموتون) أي بانقضاء آجالهم في بدر أو غيرها ، هذا هو الأحسن. قوله : (من العذاب في الآخرة) المراد به العذاب الذي يأتي