التي حصل فيها للكلام نحو اضطراب واختلال كالعامّ المخصّص أو اللفظ المستعمل كثيرا في المعنى المجازيّ ونحو ذلك وكيف كان فهذه المسائل كلّها مسائل اصوليّة نعم بعض المباحث التي لم يكن المبحوث عنه فيها حيثيّة الحجّيّة تكون خارجة من الاصول وتدخل في سلك المبادئ كمسألة مقدّمة الواجب ومبحث الضدّ وأمثالهما فتدبّر وقد تلخّص من جميع ما ذكرنا أنّ موضوع علم الاصول هو عنوان الحجّة في الفقه ومحصّل مسائله تشخيص مصاديق الحجّة وتعيّناته ولذلك ترى الشافعيّ يبحث في رسالته التي ألّفها في هذا الفنّ عن حجّيّة الحجج الشرعيّة من الكتاب والسنّة فتأمّل في المقام فإنّه بالتأمّل حقيق. (١)
وجه الأولويّة أنّ العلم الإجمالىّ بوجود الحجج ينحلّ بعد معلوميّة تعداد من الحجج فيصير البحث في بقيّة الموارد بحثا عمّا يصلح للحجّيّة لا تعيّنات معلوم الحجّيّة فالموضوع العامّ هو ما يصلح للحجّيّة لا الحجّة المعلومة الفعليّة.
ولعلّ منشأ ذهابه إليه هو تصحيح ما ذهب إليه المشهور من أنّ موضوع علم الاصول هو الأدلّة بما هي أدلّة لا ذات الأدلّة كما ذهب إليه صاحب الفصول حتّى يكون البحث عن حجّيّة الخبر الواحد مثلا بحثا عن تعيّنات معلوم الحجّيّة وأحوالها ولا يكون بحثا عن ثبوت الحجّة واللاحجة حتّى يكون من المبادئ.
ولكنّك عرفت ما فيه لانحلال العلم الإجماليّ بتعداد معلوم من الحجج وصيرورة البحث عن البواقي بحثا عن نفس الدليليّة والحجّيّة لا عن أحوالها فلم يتمّ ما ذهب إليه المشهور فالموضوع هو «ما يصلح للحجّيّة على الحكم الكلّيّ الفقهيّ» لا معلوم الحجّيّة.
هذا مضافا إلى ما فيه من الإشكال في إخراج مسألة مقدّمة الواجب ومبحث الضدّ وأمثالهما عن المسائل الاصوليّة وإدخالها في سلك المبادئ مع أنّه يمكن تقريبها
__________________
(١) نهاية الاصول / ١١ ـ ١٢.