بنحو تكون هذه المسائل أيضا من المسائل الاصوليّة وهو أن يقال إنّ وجوب ذي المقدّمة هل يكون حجّة على وجوب المقدّمة أم لا فالبحث عنه يكون بحثا عمّا يصلح للحجّيّة على الحكم الكلّيّ الفقهيّ أيضا وهكذا الأمر في مبحث الضدّ بأن يقال إنّ الأمر بالشيء هل يكون حجّة على المنع عن الضدّ أم لا يكون فالبحث عنه أيضا بحث عمّا يصلح للحجّيّة على الحكم الكلّيّ الفقهيّ ولعلّه أشار إليه بالأمر بالتدبّر.
وكيف كان فالموضوع المذكور أعني «ما يصلح للحجّيّة» ينطبق على جميع القواعد المبحوث عنها في علم الاصول عدا عدّة من المباحث التي لا يكون البحث فيها عن الكبريات التي يمكن أن تقع في تحصيل الحجّة على الفقه كالبحث عن أدوات العموم أو أنّ المشتقّات ظاهرة في من تلبّس بالمبدإ أو تعمّ من انقضى عنه المبدأ ونحوهما فإنّها بحث عن الصغريات لا عن حجّيّة الظهورات. وعليه فمع انطباق الموضوع المذكور على جميع القواعد الاصوليّة عدا ما ذكر فلا وجه لإنكار الموضوع في علم الاصول كما يظهر من بعض الأعاظم حيث قال : «والظاهر أنّ علم الاصول ليس له موضوع أصلا بل هو عبارة عن جملة مسائل وقواعد متشتّته جمعها اشتراكها في الدخل في الغرض الذي لأجله دوّن ذلك العلم على اختلاف ما يحصل منها من حيث القطع بالحكم الواقعيّ أو التعبّد به أو الوظيفة الشرعيّة عند الشكّ في الحكم أو الوظيفة العقليّة التي يرجع إليها أخيرا كلّها تحصّل غرضا واحدا وهو تحصيل الوظيفة الفعليّة في مقام العمل وهذا المقدار يكفي في معرفة علم الاصول.» (١)
ثمّ إنّ الجامع المذكور أعني ما يصلح للحجّيّة على الحكم الكلّيّ الفقهيّ ينطبق على جميع موضوعات المسائل كالخبر والشهرة والخبرين المتعارضين والاستصحاب والبراءة والتخيير وحجّيّة المفاهيم وغير ذلك لأنّ كلّها ممّا يصلح للحجّيّة على الحكم
__________________
(١) مصابيح الاصول ١ / ٢٢٢.