اتّحاد حيثيّة الدلالة الشأنيّة مع الانتقال الشأنيّ :
ثمّ إنّ حيثيّة الارتباط والاختصاص بين اللفظ ومعناه هي حيثيّة دلالة اللفظ على معناه شأنا وحيثيّة الانتقال منه إليه شأنا ولا فرق بين حيثيّة دلالة اللفظ على معناه والانتقال منه إليه وبين حيثيّة دلالة سائر الدوالّ كالعلم المنصوب على رأس الفرسخ فإنّه أيضا للانتقال من النظر إليه إلى أنّ هذا الموضع رأس الفرسخ وعليه فبعد اعتبار الواضع ذلك الارتباط والاختصاص يتحقّق الانتقال من اللفظ إلى معناه بالفعل للواضع ولمن علم بوضعه من دون حاجة إلى شيء آخر ولذا قال المحقّق الأصفهانيّ رحمهالله حيث عرفت اتحاد حيثيّة دلالة اللفظ على معناه وكونه بحيث ينتقل من سماعه إلى معناه مع حيثيّة دلالة سائر الدوالّ تعرف أنّه لا حاجة إلى الالتزام بأنّ حقيقة الوضع تعهّد ذكر اللفظ عند إرادة تفهيم المعنى كما عن بعض أجلّة العصر فإنّك قد عرفت أنّ كيفية الدلالة والانتقال في اللفظ وسائر الدوالّ على نهج واحد بلا إشكال فهل ترى تعهّدا من ناصب العلم على رأس الفرسخ بل ليس هناك إلّا وضعه عليه بداعي الانتقال من رؤيته إليه فكذلك فيما نحن فيه غاية الأمر أنّ الوضع هناك حقيقيّ وهنا اعتباريّ.
والعجب من «بعض الأعاظم» في محاضراته (حيث جعل المعنى المذكور معنا دقيقا خارجا عن أذهان عامّة مع أنّه لا غموض فيه) لما عرفت من أنّ تعيين الواضع اللفظ على المعني كتعيين ناصب العلم على رأس الفرسخ فهل هذا المعنى أمر دقيق خارج عن الأذهان؟ والأعجب من ذلك أنّه أورد عليه إشكالا ثانيا بأنّ وضع اللفظ ليس من سنخ الوضع الحقيقيّ كوضع العلم على رأس الفرسخ والوجه في ذلك هو أنّ وضع العلم يتقوّم بثلاثة أركان : الركن الأوّل : الموضوع وهو العلم. الركن الثاني : الموضوع عليه وهو ذات المكان. الركن الثالث : الموضوع له وهو الدلالة على كون المكان