المصدر يكون نفس الارتباط الاعتباريّ الحاصل بتعيين الواضع وأمّا الوضع التعيّنيّ فهو ليس إلّا إقران تصوّر اللفظ مع تصوّر المعنى في الاستعمالات المتكرّرة تكوينا بحيث يحصل القرن والانس بينهما تكوينا على نحو يتداعى تصوّر أحدهما تصوّر الآخر وتسميته بالوضع مسامحة فافهم.
التنزيل والهوهويّة :
ثمّ إنّ الوضع على المختار هو تعيين اللفظ للمعنى لاعتبار الاختصاص والارتباط بينهما كما أنّ نصب العلم على رأس الفرسخ لاعتبار الاختصاص بينه وبين الوصول إلى حدّ الفرسخ فكما أنّ في الثاني لا تنزيل بين العلم المنصوب والفرسخ ، كذلك في الوضع ، لا تنزيل بين اللفظ والمعنى بحيث يجعل اللفظ وجودا لفظيّا للمعنى بل التنزيل المذكور يحتاج إلى مئونة زائدة ولا دليل ولا شاهد عليه عدا ما استشهد به عليه من سراية القبح والحسن من المعنى إلى اللفظ مع أنّها لازم أعمّ ، إذ السراية معقولة أيضا فيما إذا كان اللفظ علامة على المعنى فلا تختصّ بصورة التنزيل والهوهويّة. ألا ترى أنّ العلم المنصوب للعزاء يوجب الحزن. وعدا ما في منتهى الاصول من أنّه لا شك في أنّ إلقاء اللفظ إلقاء المعنى عند إلقاء المراد إلى الطرف ومعلوم أنّ إلقاء شيء ليس إلقاء شيء آخر إلّا فيما إذا كانت بينهما هو هويّة واتّحاد. (١)
مع أنّ إلقاء المعاني يكون من جهة ارتباطها بالألفاظ ارتباطا أكيدا لا من جهة أنّ الألفاظ تكون وجودا لفظيّا للمعاني كما أنّ الانتقال من العلم المنصوب إلى حدّ الفرسخ من جهة الارتباط الذي يكون بينهما ارتباطا مؤكّدا لا من جهة تنزيل العلم المنصوب بمنزلة حدّ الفرسخ وبالجملة الارتباط المذكور بين اللفظ والمعنى وبين
__________________
(١) منتهى الاصول ١ / ١٥.