فلا جامع بينهما بل الوضع التعيّنيّ يشترك مع التعيينيّ في نتيجة الأمر إذ كما أنّ اعتبار الواضع يوجب الملازمة بين اللفظ والمعنى من حيث الانتقال من سماع اللفظ إلى المعنى كذلك كثرة الاستعمال توجب استيناس أذهان اهل المحاورة بالانتقال من سماع اللفظ إلى المعنى فلا حاجة إلى دعوى اعتبار أهل المحاورة على حدّ اعتبار الواضع فإنّه لغو بعد حصول النتيجة. (١)
ولكن الارتباط الحاصل من كثرة الاستعمال ليس ارتباطا اعتباريّا بل هو أمر تكوينيّ يكون العلم بأحدهما موجبا لتداعي الآخر فلا تغفل.
* * *
المقام الثاني : أقسام الوضع :
ولا يخفى أنّ الوضع يتقوّم باللفظ والمعنى ولكلّ واحد منهما انقسامات :
أقسام الوضع باعتبار اللفظ :
ينقسم الوضع باعتبار اللفظ إلى أربعة أقسام لأنّ الواضع يلاحظ ويتصوّر :
١ ـ طبيعة لفظ معيّن بمادّته وهيئته ويضعها بإزاء المعنى بحيث لا يحتاج في تعيين مصاديقه للمعنى إلى معيّن ووضع آخر فإذا وضع ذلك اللفظ بالملاحظة المذكورة للمعنى تعيّن له حيثما وجد من غير أن يحتاج في تعيين مصاديقه للمعنى إلى وضع آخر بل يتعيّن له بذلك الوضع وهو واقع شائع في أهل الوضع ، فالوضع حينئذ عامّ والموضوع أيضا عامّ.
٢ ـ طبيعة لفظ معيّن بمادّته وهيئته ويضعها الواضع بإزاء المعنى المقصود بعد
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٢١.