الألفيّة حيث قال : بذا لمفرد مذكّر أشر إلى آخر ما قال. نعم لمّا كان حقيقة الإشارة أمرا اندكاكيّا فانيا في المشار إليه فلا محالة ينتقل الذهن من كلمة هذا إلى المشار إليه ويترتّب على هذا اللفظ أحكام اللفظ الموضوع للمشار إليه فيجعل مبتدأ مثلا ويحمل عليه أحكام المشار إليه فيقال هذا قائم كما يقال زيد قائم ونظير ذلك الضمائر والموصولات فيشار بضمير المتكلّم إلى نفس المتكلّم وبضمير المخاطب إلى المخاطب وبضمير الغائب إلى المرجع المتقدّم ذكره حقيقة أو حكما فيوجد بسببها في وعاء الاعتبار امتداد موهوم بين المتكلم وبين نفسه أو المخاطب أو ما تقدّم ذكره ، ويشار بالموصول أيضا إلى ما هو معروض الصلة. والحاصل أنّ جميع المبهمات قد وضعت بإزاء الإشارة ليوجد بسببها الإشارة إلى امور متعيّنة في حدّ ذاتها إمّا تعيّنا خارجيّا كما في الأغلب أو ذكريّا كما في ضمير الغائب أو وصفيّا كما في الموصولات حيث أنّه يشاربها إلى ما يصدق عليه مضمون الصلة. (١)
هذا كلّه بناء على وضع الإشارات وأخواتها لإيجاد الإشارة إلى الحاضر أو الغائب ولكنّه لا يخلو عن الإشكال فإنّ الإيجاد الإنشائيّ متفرع على القصد والالتفات إلى الإيجاد حتّى يقصده اللافظ باستعمال ألفاظ الإشارة والضمائر مع أنّه غير محرز في من استعمل هذه الألفاظ بل كثيرا ما لم يلتفتوا إلى أنّ هذه الألفاظ ممّا يقصد به الإنشاء واستعملوها كما استعملوا الأسماء الأخر. هذا مضافا إلى أنّ مقارنة الإشارة الخارجيّة بالإصبع أو العين أو شيء آخر مع ألفاظ الإشارة والضمائر والموصولات ممّا تشهد على أنّها خاليّة عن الإشارة وإلّا لزمت اللغويّة فإنّ الإشارة حاصلة بألفاظ الإشارة والضمائر وحمل مقارنة الإشارة الخارجيّة أو الذهنيّة في جميع الموارد على التأكيد مع عدم الحاجة إليه في أكثر الموارد كما ترى وعليه فألفاظ
__________________
(١) نهاية الاصول ١ / ٢٢.