وإليك نصّ كلامه : الظاهر أنّها لا تفترق عن ألفاظ الإشارة وأخواتها في أنّها موضوعة لنفس الإشارة إلى المبهم المتعقّب بصفة ترفع إبهامه. إلى أن قال : هذا في غير من وما وأيّ وأمّا فيها فالظاهر أنّها أسماء وضعت لعناوين مبهمة والأمر سهل. (١)
يمكن أن يقال لا فرق بين من آمن وبين الذي آمن ، فإن كان الأوّل اسما فالثاني كذلك وإن كان الثاني من الحروف فالأوّل مثله فلا وجه للتفرقة بينهما.
هذا كلّه بناء على كونها موضوعة لإيجاد الإشارة وأمّا بناء على كونها موضوعة للمبهم المتعقّب بالصفة فحكمها حكم الإشارات والضمائر في كونها أسماء موضوعة للمعاني الجزئيّة لأنّ معانيها هي التي تكون مبهمة وتتعقّب بالصفات المزيلة للإبهام. نعم يكون الوضع فيها أيضا عامّا والموضوع له خاصّا كما لا يخفى وقد عرفت أنّ هذا البناء أقرب إلى الفهم العرفيّ وأدبيّات كلّ عرف لظهور عدم الفرق بين قولنا من آمن فهو من أهل الجنّة والذي كفر فهو من أهل النار وبين قولنا المؤمنون هم أهل الجنّة والكافرون هم أهل النار في كون المسند إليه مذكورا في الجملة لا أنّ المسند إليه هو طرف الإشارة وهو غير مذكور في الكلام فلا تغفل.
تكملة :
ولا يخفى عليك أنّ الحروف على قسمين : أحدهما : حاكيات تدلّ على معان واقعيّة جزئيّة متدلّية متقوّمة بالأطراف كما عرفت. وثانيهما : موجدات إذ ليس لها واقعيّات موجودة ولو بنحو التدلّي والربط حتّى تحكي عنها بل توجد بها المعاني المتدلّية الجزئيّة كحروف القسم والتأكيد والتحضيض والردع فإنّها وضعت آلة لإيجاد هذه المعاني من دون حكاية عن الواقع المحفوظ قبلا مع قطع النظر عن ظرف التكلّم ولكن
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ٤٠.