اختلافهما في الحكاية والإيجاد لا يوجب اختلافا في حقيقة الاندكاكيّة لأنّها على كلّ تقدير معنى جزئيّ اندكاكيّ إذ الكلّيّ بما هو كلّيّ قابل للصدق على الكثيرين لا يوجد في الخارج بل كلّ موجود بالحروف أمر جزئيّ شخصيّ وعليه فلا يوجب في الوضع تفاوتا بينهما بل الوضع في كلّ واحد من القسمين عامّ والموضوع له خاصّ فلا تغفل.
* * *
المقام الثالث : مفاد الإنشاء والإخبار :
ذهب المحقّق الخراسانيّ قدسسره في الكفاية إلى وحدة الجملة الإنشائيّة مع الجملة الخبريّة في طبيعيّ المعنى الموضوع له وأنّ الاختلاف فيهما إنّما هو في دواعي الاستعمال كما أنّ الاختلاف في المعنى الحرفيّ والاسميّ عنده في اللحاظ الآليّ والاستقلاليّ لا في المعنى الموضوع له فالجملة تكون إنشائيّة فيما إذا كان داعيه هو قصد إيجاد المعنى وخبريّة فيما إذا كان داعيه هو قصد الحكاية وحيث أنّ الدواعي خارجة عن حريم المعنى كان قوله : بعت ، لإنشاء البيع مع قوله : بعت ، للإخبار عنه متّفقين في المعنى الموضوع له والمستعمل فيه. ثمّ تأمّل المحقّق الخراسانيّ في ذلك عند إتمام كلامه.
ولعلّ وجه التأمّل هو ما أشار إليه سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره من أنّ مقتضى مختار المحقّق الخراسانيّ هو اشتراك الجملة بين الخبريّة والإنشائيّة بحيث يحتاج تعيين كلّ واحد منهما إلى قرينة معيّنة وهو كما ترى لما نراه بالوجدان من أنّ الجملة كقوله بعت إذا لم تكن معها قرينة الإنشاء ظاهرة في الإخبار من دون حاجة إلى قرينة معينة وهذه آية كون الجملة موضوعة للإخبار وقصد الحكاية لا للإنشاء أو للأعمّ منهما بل يمكن أن يقال الجملة الخبرية التي استعملت لإفادة الإنشاء لا تخرج عن معناها الحقيقيّ أيضا لأنّها لا تخلو عن الإخبار أيضا ادّعاء فمثل قوله : يعيد ، إخبار عن إعادته ادّعاء لشدّة إرادته بالإعادة فيدلّ على مطلوبيّة الإعادة بالملازمة وهكذا في قوله :