مع أنّ استعمال اللفظ في النوع أو الصنف أو المثل من الاستعمالات المجازيّة بلا إشكال ولا خلاف أو لعدم حسن إرادة المعنى الموضوع له وادّعاء الفرديّة لفرد بالنسبة إليه كما في مثل : و (اسأل القرية) ، إذ استعمال القرية في معناها وادّعاء كون الأهل عين القرية وإطلاقها عليهم بارد جدّا وتخيّل أنّ القرية قابلة للسؤال وموجود ذو شعور وإطلاقها على الأهل مستلزم لتغيّر المعنى الموضوع له كما لا يخفى.
وثانيا أنّه يرد على جميع الموارد ما في هداية المسترشدين من أنّ ذلك أيضا نحو من التصرّف في اللفظ حيث أنّ المقصود منه حقيقة غير معناه الحقيقيّ وإن جعل إرادة معناه الحقيقيّ واسطة في الانتقال إليه. (١)
اللهمّ إلّا أن يقال إنّ هذا التصرّف في ناحية أصالة الجدّ والإرادة الجدّيّة دون اللفظ والمعنى اللذين كانا محلّ تصرّف الواضع ولذلك يمكن أن يقال إنّ المتجوّز لم يتصرّف في تأسيس الواضع وجعله أعني به ربط اللفظ بالمعنى وإنّما تصرّف فيما يرجع إلى المستعمل نفسه أعني به تطبيق ذلك المعنى الذي وضع اللفظ له على ما ليس من مصاديقه في الواقع لفائدة ما وأمر تطبيق المعاني الكلّيّة على مصاديقها لا يرجع إلى الواضع كما أنّ تطبيق الموضوعات ذات الأحكام الشرعيّة على مصاديقها لا يرجع أمره إلى الشارع بل إلى نظر المكلّف في الثاني وإلى نظر المستعمل في الأوّل.
ولكن مقتضى التأمّل والتحقيق هو أنّ ذلك نحو تصرّف في اللفظ إذ اللفظ الموضوع للمعنى لو خلّي وطبعه لا نطبق على مصاديقه الحقيقيّة لا الادّعائيّة فصرف اللفظ عن هذا الطبع وتطبيقه على الأفراد الادّعائيّة يوجب خروج اللفظ عمّا يقتضيه طبع الوضع ويحتاج إلى القرينة فكلّ دلالة تحتاج إلى القرينة ليست دلالة حقيقيّة إذ الحقيقة هي ما دلّ على المعنى بنفسه لا بالقرينة وهو كاف في المجازيّة ولو كانت مجازا
__________________
(١) هداية المسترشدين / ٣٧.