الاعتباريّ حيث أنّ اللفظ من حيث أنّه صادر عن لافظه كان دالّا ومن حيث أنّ نفسه وشخصه مراده كان مدلولا ولكن أورد عليه في تهذيب الاصول بأنّ التعدّد الاعتباريّ لا يجدي إذ عنوان الصادريّة وما قاربها أمر منتزع بعد صدور اللفظ فكيف يكون أمرا مصحّحا للاستعمال الواقع قبله. هذا مضافا إلى أنّه يستلزم الجمع بين اللحاظين المختلفين في شيء واحد ضرورة أنّ اللفظ عند الاستعمال لا يلاحظ إلّا آليّا والمعنى المراد لا يقصد إلّا استقلاليّا وهو لازم كونه دالّا ومدلولا. بل التحقيق أنّه من باب إيجاد صورة الموضوع في ذهن السامع لينتقل منه إلى نفس الموضوع لا من باب كون اللفظ دالّا على نفسه ولا مستعملا في نفسه وذلك لأنّ الحروف المتصرّمة إذا صدرت عن المتكلّم وتمّت الكلمة وخلصت عن مقاطع فمه يحصل منها صورة في ذهن السامع من قرع الهواء وتموّجه في ناحية الصماخ حتّى يمرّ عن الحسّ المشترك والخيال ويصل إلى النفس وليس الموجود فيها عين الموجود في عالم الخارج عينا وشخصا وإلّا لا نقلب الذهن خارجا ولذلك نقول لا يحمل في مثل «ضرب كلمة أو ثلاثيّ» إذا اريد شخص الملفوظ منه على إلقاء الموضوع في ذهن السامع كما ذهب إليه في الكفاية إذ الموضوع للحكم ليس إلّا الهويّة الخارجيّة ولا تنال النفس متن الأعيان ولا يمكن إلقائها في ذهن السامع بل بابه هو إيجاد صورة الموضوع في ذهن السامع لينتقل منه إلى نفس الموضوع والحاصل أنّ ذاك الموجود المتصرّم يوجد في نفس السامع ما يصير حاكيا عنه في الآن المتأخّر لا كحكاية اللفظ من معناه إذ الصورة الذهنيّة للفظ لم يوضع لها ذاك اللفظ. (١)
ولكن بعد يمكن استعمال اللفظ في نفسه بما ذكره المحقّق الأصفهانيّ قدسسره وحاصله بعبارة منّا : أنّ المتكلّم لم يتكلّم بدون تصوّر كلامه فإذا أراد أن يقول حكم نفس
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ٤٦ مع تلخيص وتقديم وتأخير في العبارة.