والمتوقّف على الإرادة التصديقيّة هو الثاني دون الأوّل والتصوّريّ كدلالة الأسماء على معانيها الاستقلاليّة وكدلالة الحروف على معانيها الربطيّة وكدلالة هيئة الإضافة على النسبة الإضافيّة لا يتوقّف إلّا على العلم بالوضع واستعمال المتكلّم إذ من المعلوم أنّ المقصود من الاستعمال في أمثال ذلك هو إلقاء المعنى الاسميّ أو الحرفيّ أو الإضافيّ إلى المخاطب وإفهامه إيّاه ليتصوّره من دون أن يراد تصديقه بالوقوع نعم يتوقّف ذلك على الإرادة الاستعماليّة فاللفظ الموضوع المستعمل هو الذي استعمله المتكلّم بقصد التفهيم والإفهام التصوّريّ ولعلّ ذلك هو الفرق بينه وبين اللفظ المسموع من الساهي أو النائم فإنّ اللفظ في كلا الموردين لفظ موضوع للمعنى المعلوم ولذا انتقل الإنسان من سماعه إلى معناه ولكنّه ليس في الساهي أو النائم مستعملا لإرادة الإفهام والتفهيم وكيف كان فالإفهام التصوّريّ لا يتوقّف على الإرادة التصديقيّة وإن توقّف على الإرادة الاستعماليّة هذا بخلاف التصديقيّ من الإفهام فإنّه مضافا إلى ذلك يتوقّف على الإرادة التصديقيّة كدلالة هيئة الجملة الفعليّة أو الاسميّة على النسبة التامّة الخبريّة حيث أنّ المقصود من هذا النوع إلقاء المعنى أي النسبة إلى المخاطب ليصدّق بوقوعها كما يدلّ ظاهر الكلام على تصديق المتكلّم بها ما لم يقترن به ما ينافي ظاهر الكلام ولكنّ الإفهام والتفهيم سواء كان تصوّريّا أو تصديقيّا أجنبيّ عن مرحلة الوضع لتأخّرهما عن الوضع بمرتبتين وهما الوضع والعلم به وتوقّف الإفهام أو التفهيم على الإرادة الاستعماليّة أو على الإرادة الجدّيّة لا ارتباط له بمقام الوضع كما أنّ توقّفهما على الإرادة لا ارتباط له بالدلالة التصوّريّة فإنّها لا تتوقّف إلّا على العلم بالوضع فإذا سمع اللفظ ولو من الساهي أو النائم يدلّ على معناه بالدلالة التصوّريّة بالمعنى المذكور إذ ليست الدلالة التصوّريّة المذكورة إلّا الانتقال من اللفظ إلى المعنى وهو حاصل بالسماع ، والإفهام والتفهيم أمر آخر ربما يقرن مع اللفظ الموضوع وربما لا يقرن كما لا يخفى وعليه فالوضع والعلم به يوجب الدلالة التصوّريّة