حاصله أنّ الحمل على المعنى الحقيقيّ المراد للمتكلّم يكون بأحد الأمرين إمّا بسبب وضع قاعدة اخرى أو بسبب الاعتماد على القرائن الحافّة. وإمّا بحسب بناء العقلاء. وكيف كان فمنشأ البحث عن كون الألفاظ موضوعة لذات المعاني أو المعاني المرادة ذلك كما لا يخفى.
ثمّ ثمرة البحث هو ما ذكره في الفصول حيث قال : إن قلنا بأنّها موضوعة للمعاني من حيث كونها مرادة سواء اعتبرناها شرطا أو شطرا اتّجه أنّ لا يكون للألفاظ معان حقيقيّة عند عدم إرادتها ضرورة أنّ الكلّ عدم عند عدم جزئه والمقيّد من حيث كونه مقيّدا عدم عند عدم قيده وهكذا قال في تحرير الاصول وحينئذ إذا استعمل اللفظ في المعنى بقصد التفهيم كان ذلك على وفق الوضع وكان حقيقة وإذا استعمل فيه لا بهذا الوجه ومن دون هذا القصد كان مجازا لاستعماله في غير المعنى الموضوع له. (١)
* * *
الخلاصة
١ ـ ولا يخفى عليك أنّ الموضوع له للألفاظ هو نفس المعاني الواقعيّة من دون تقيّدها أو تقييدها بشيء آخر كالإرادة لما عرفت من أنّ الوضع هو تعيين اللفظ في مقابل نفس المعنى واعتبار الاختصاص والارتباط بينهما ممّن يعتنى بوضعه واعتباره ويشهد لذلك انسباق نفس المعاني من الألفاظ الموضوعة عند سماعها من ناطق بها من دون حاجة إلى احراز إرادة تلك المعاني وعليه فلا دخالة لشيء آخر بنحو من الأنحاء كالإرادة والعلم ونحوهما في الموضوع له فلفظ الماء مثلا يدلّ على نفس المائع
__________________
(١) تحرير الاصول / ٥١.