الأمر السادس : وضع الهيئة القائمة على المركّبات
ولا يخفى عليك أنّ المركّبات وإن لم تكن لها مواد غير مفرداتها ولكن تكون لها هيئة زائدة على هيآت مفرداتها تدلّ باعتبارها على معان تصديقيّة وهي غير مداليل المفردات إذ التصديق ممّا يترتّب على هيئة القضيّة المركّبة لا المفردات الدالّة على المعاني التصوّريّة فلفظة زيد وقائم في زيد قائم لا تدلّ إلّا على المعاني التصوّريّة وأمّا الهوهويّة التصديقيّة بأنّ زيدا هو القائم والقائم هو زيد فهو أثر هيئة القضيّة الحمليّة وهكذا الأمر في سائر القضايا كالشرطيّة فإنّها أيضا تدلّ باعتبار اشتمالها على الأدوات الشرطيّة مثلا على النسب التصديقيّة نحو ترتّب وجود النهار على طلوع الشمس في قولهم : إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود. فهذا المعنى التصديقيّ أثر هيئة القضيّة الشرطيّة لا مفرداتها وهلمّ جرّا. بل التقديم والتأخير في أجزاء القضيّة يوجب تفاوتا في هيئة المجموع بما هو مجموع مع أنّ هيئة المفردات لا تتفاوت بالتقديم والتأخير وهذا التفاوت الناشئ من التقديم والتأخير في المركّبات أيضا يكون لإفادة الفوائد الخاصّة كحصر الموضوع في المحمول أو بالعكس من المعاني التصديقيّة التي لا تدلّ عليه المفردات.
وعليه فدعوى الوضع لهيئة المركّبات بما هي زائدة على مفرداتها مادّة وهيئة