لإفادة المعاني التصديقيّة أمر يشهد له الوجدان السليم ومن الممتنع عادة عدم وضع لفظ للمعاني التصديقيّة في اللغات الرائجة في أقطار الأرض ولذا يكون النزاع في ذلك نزاع في أمر واضح. نعم جعل النزاع فيه كما في تهذيب الاصول بعد وجود معان تصديقيّة محتاجة إلى دوالّ لفظيّة متسالم عليه بينهم في أنّ تلك الدوالّ هي الهيئات أو المجموع أولى وأحسن. (١)
ثمّ إنّ هذه الهيئات قائمة على المركّبات وليست متّحدة مع هيئة المفردات لأنّ هيئة المفردات قائمة بموادّها والهيئة التركيبيّة قائمة بالمجموع فاختلاف المحلّ شاهد على اختلافهما فهيئة المركّبات لا دخل لها بهيآت المفردات وعليه فاختلاف الدوالّ يشهد على اختلاف المداليل إذ مداليل المفردات بمادّتها وهيآتها هي مداليل تصوّريّة بخلاف مداليل هيئة المركّبات فإنّها مداليل تصديقيّة فلكلّ وضع على حدة لا يكفي وضع كلّ واحد من الآخر.
وممّا ذكر يظهر ما في الكفاية من أنّه لا وجه لتوهّم وضع للمركّبات غير وضع المفردات ضرورة عدم الحاجة إليه بعد وضعها بموادّها في مثل : زيد قائم وضرب عمرو بكرا شخصيّا وبهيآتها المخصوصة من خصوص إعرابها نوعيّا ومنها خصوص هيآت المركّبات الموضوعة لخصوصيّات النسب والإضافات بمزاياها الخاصّة من تأكيد وحصر وغيرهما نوعيّا بداهة أنّ وضعها كذلك واف بتمام المقصود منها كما لا يخفى من غير حاجة إلى وضع آخر لها بجملتها مع استلزام الدلالة على المعنى تارة بملاحظة وضع نفسها واخرى بملاحظة مفرداتها. انتهى. (٢)
فإنّ جعل هيآت المركّبات من هيآت المفردات ممنوع لما عرفت أوّلا من أنّ هيئة
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ٥٢.
(٢) كفاية الاصول ١ / ٢٤ ـ ٢٥.