ضمن هيئة وكما يمكن أن تلاحظ نفس المادّة المتهيّئة بهيئة من دون نظر إلى تلك الهيئة كذلك يمكن أن تلاحظ الهيئة في ضمن مادّة من دون نظر إلى تلك المادّة. والحاصل : أنّ الوضع النوعيّ لا اختصاص له بالهيئة بل يجري بالنسبة إلى الموادّ في المشتقّات أيضا.
وممّا ذكر يظهر أيضا ما في كلام المحقّق الأصفهانيّ قدسسره من أنّ التحقيق أنّ جوهر الكلمة ومادّتها أعني الحروف الأصليّة المترتّبة الممتازة عن غيرها ذاتا أو ترتيبا أمر قابل للحاظ الواضع بنفسه فيلاحظ بوحدته الطبيعيّة وتوضع لمعنى بخلاف هيئة الكلمة فإنّ الزنة لمكان اندماجها في المادّة لا يعقل أن تلاحظ بنفسها لاندماجها غاية الاندماج في المادّة فلا استقلال لها في الوجود اللحاظيّ كما في الوجود الخارجيّ كالمعنى الحرفيّ لا يمكن تجريدها ولو في الذهن عن الموادّ فلذا لا جامع ذاتيّ لها كحقائق النسب فلا محالة يجب الوضع لأشخاصها بجامع عنوانيّ كقولهم كلّما كان على زنة فاعل وهو معنى نوعيّة الوضع أيّ الوضع لها بجامع عنوانيّ لا بشخصيّتها الذاتيّة أو المراد أنّ المادّة حيث يمكن لحاظها فقطّ فالوضع شخصيّ والهيئة حيث لا يمكن لحاظها فقطّ بل في ضمن مادّة فالوضع لها يوجب اقتصاره عليها فيجب أن يقال هيئة فاعل وما يشبهها. وهذا معنى نوعيّة الوضع أي لا لهيئة شخصيّة واحدة بوحدة طبيعيّة بل لها ولما يشبهها. فتدبّر (١).
لما عرفت من أنّ الوضع في المادّة والهيئة كليهما نوعيّ ولا اختصاص للنوعيّة بالهيئة أو المادّة وحديث الاندماج لا يختصّ بالهيئة إذ المادّة المستعملة أيضا مندمجة في الهيئة فلا وجود لها بدون هيئة من الهيئات وإلّا لم تكن مادّة مستعملة والقول بأنّ جوهر الكلمة ومادّتها أعني الحروف الأصليّة أمر قابل للحاظ الواضع بنفسه منظور
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٣٨.