فيه لأنّ ما كان قابلا للحاظ الواضع فهو حينئذ ليس مادّة مستعملة فلا معنى له وما كانت مستعملة فلا استقلال لها في الوجود اللحاظيّ حتّى يكون قابلة للملاحظة فالتفرقة بين المادّة المستعملة والهيئة المستعملة لا وجه لها.
ثمّ انقدح بما ذكرناه أنّ الدوالّ على المعاني التصديقيّة هي الهيئات القائمة على المركّبات فقطّ ولا مدخليّة لموادّ المركّبات والهيئات العارضة على موادّها وعليه فالدالّ على المعنى التصديقيّ هو الهيئة القائمة على المركّبات فقطّ دون مجموع هذه الهيئة وموادّ المركّب المفردة وهيآتها بحيث يكون زيد في زيد قائم جزء الدالّ ، إذ موادّ المركّب والهيئات العارضة على موادّ المركّب المفردة لا تدلّ إلّا على المعاني التصوّريّة لا المعاني التصديقيّة فلا دخل لها في المعاني التصديقيّة فانضمامها كالحجر في جنب الإنسان.
هذا مضافا إلى ما نقل عن ابن مالك في شرح المفصّل من أنّ المركّبات لو كان لها وضع لما كان لنا أن نتكلّم بكلام لم نسبق إليه إذ المركّب الذي أحدثناه لم يسبق إليه أحد وهذا المؤلّف لم يكن موجودا عند الواضع فكيف وضعه الواضع انتهى. (١)
قال في تهذيب الاصول هذا الإيراد وارد على الوضع للمجموع من الهيئة القائمة على المركّب وموادّه وهو كلام متين صدر عن أديب بارع. توضيحه أنّ الجمل الاسميّة وإن كانت تشترك في الهيئة ولكنّها مختلفة بحسب المادّة والوضع النوعيّ إنّما يتصوّر في الهيئات فقطّ لوحدتها النوعيّة لا بالنسبة إلى المجموع منها ومن الموادّ لعدم حصر الموادّ وتنوّعها جدّا مثل قيام زيد وقعود عمرو وهلمّ جرّا وليس هناك جامع واحد وعنوان نوعيّ تجتمع الموادّ تحته كي يشار به إليها كما يوجد في الهيئات فلو كان الموضوع هو المجموع لزم الالتزام بوضع كلّ جملة جملة وضعا شخصيّا وهو
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ٥٣.