وهكذا نقول في أدلّة حجّيّة أهل الخبرة في اللغات فإنّ المقصود منها هو الأخذ بواحد منهم لا الأخذ بجميعهم فمفاد أدلّة حجّيّة أهل الخبرة في اللغات هو الحجّيّة التخييريّة فإذا لم يكن ترجيح بين الأقوال المتعارضة فالحكم هو التخيير في الأخذ بأيّ طرف منها فتدبّر جيّدا.
هذا كلّه إذا كان الرجوع إلى اللغويّ من باب كونه من أهل الخبرة وأمّا إذا كان الرجوع إليه من باب الأخبار الآحاد فمقتضى القاعدة فيه بعد عدم شمول أدلّة المرجّحات لاختصاصها بالأخبار الواردة عنهم في الأحكام هو التساقط في الموارد المتعارضة لما مرّ من أنّ المقصود من أدلّة حجّيّة الأخبار واعتبارها هو الأخذ بجميعها فلا تغفل.
كلام صاحب الفصول
ثمّ لا يخفى عليك أنّه قيّد في الفصول حجّيّة قول اللغويّ بقيد آخر وهو أنّه حجّة إذا لم يكن طريق إلى معرفة حقائق الألفاظ ومجازها بخلاف الموارد التي يمكن معرفة حقيقتها ومجازها بالرجوع إلى العرف وتتبّع موارد استعماله حيث يعلم أو يظنّ عدم النقل (أي النقل عن معناه الأصليّ إلى المعنى المجازيّ) فلا سبيل إلى التعويل فيه على النقل (أي نقل اللغويّ) ومن هذا الباب أكثر مباحث الألفاظ المقرّرة في هذا الفنّ كمباحث الأمر والنهي والعامّ والخاصّ ولهذا ترونهم يستندون في تلك المباحث إلى غير النقل (اى نقل اللغويّ) والسرّ في ذلك أنّ التعويل على النقل (أي نقل اللغويّ) من قبيل التقليد وهو محظور عند التمكّن من الاجتهاد ولأنّ الظنّ الحاصل منه أضعف من الظنّ الحاصل من غيره كالتبادر وعدم صحّة السلب بل الغالب حصول العلم به فالعدول عنه عدول عن أقوى الأمارتين إلى أضعفهما وهو باطل. انتهى
وفيه أنّ ما ذكر يتمّ فيما إذا فحص وتحقّقت الأمارة الأقوى وأمّا مع عدم الفحص