من جهة القرينة وهذا معنى اعتبار أصالة عدم القرينة. (١)
وإليه ذهب سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره واستدلّ بأنّ عرف العقلاء لم يعطّلوا في تشخيص معاني الألفاظ فيما إذا أخذوها من المستعملين بمجرّد احتمال وجود القرينة نعم فيما إذا كانوا أنفسهم مستعملين فلا مورد لأصالة عدم القرينة لأنّهم بعد الرجوع ليسوا شاكّين حتّى تجرى أصالة عدم القرينة إذ بعد الرجوع يصيرون عالمين بوضع اللفظ فلا مورد للأصل ولكن البناء المذكور مختصّ بما إذا كان الشكّ في أصل وجود القرينة لا إذا شكّ في قرينيّة الموجود كما نصّ عليه في هداية المسترشدين فإنّ البناء المذكور في الصورة الأخيرة غير محرز فالمحصّل هو أنّ العقلاء بنوا على معاملة اليقين باستناد الظهور إلى حاقّ اللفظ مع الظنّ بالاستناد وجريان أصالة عدم القرينة فيما إذا كان الشكّ في وجود القرينة فتدبّر جيّدا.
وممّا ذكر يظهر ما في إطلاق الفصول أيضا حيث ذهب إلى أنّ الاصل في التبادر أن يكون وضعيّا فيبنى عليه إلى أن يتبيّن كونه إطلاقيّا أو بمعونة قرينة اخرى وتمسّك بندرة احتمال استناده إلى القرينة مضافا إلى أصالة عدم القرينة لأنّها لم تكن قبل الاستعمال فالأصل بقاؤه على العدم. انتهى (٢)
لما عرفت من عدم وجود البناء فيما إذا شكّ في قرينيّة الموجود فلا وجه للإطلاق المذكور. هذا مضافا إلى أنّ أصالة عدم القرينة من الاصول اللفظيّة وليست باستصحاب تعبّديّ إلّا فلا تجدي شيئا لعدم ثبوت الأصل المثبت فاستصحاب عدم القرينة لا يثبت استناد التبادر إلى حاقّ اللفظ كما لا يخفى.
كما يظهر ممّا ذكر ما في الكفاية من إطلاق منع أصالة عدم القرينة حيث قال : ثمّ إنّ
__________________
(١) نهاية النهاية : ١ / ٢٥.
(٢) الفصول : ٢٦.