هذا فيما إذا علم استناد الانسباق إلى نفس اللفظ وأمّا فيما احتمل استناده إلى قرينة فلا يجدي أصالة عدم القرينة في إحراز كون الاستناد إليه لا إليها كما قيل لعدم الدليل على اعتبارها إلّا في إحراز المراد (١) لا الاستناد. (٢) انتهى ـ وهكذا قال في تهذيب الاصول ـ
لما عرفت من قوّة وجود بناء العقلاء فيما إذا احتمل وجود القرينة على عدمها بشهادة عدم توقّفهم في أخذ معاني اللغات بمجرّد احتمال وجود القرينة فكما أنّ العقلاء حكموا بكون ما يظهر اللفظ فيه مرادا بأصالة عدم القرينة على إرادة غيره من المعاني كذلك حكموا بكونه حقيقة ومستندا إلى اللفظ بنفسه إذا رأوا أنّ المستعملين من أهل اللسان استعملوا اللفظ فيه من دون قرينة ظاهرة ونفوا احتمال وجود القرينة بأصالة عدم القرينة وألحقوه بما إذا كان الاستناد إلى اللفظ معلوما فلا تغفل وتؤيّد ما ذكر ندرة العلم بالاستناد في استعمال أهل اللسان إذا احتمال الاستناد إلى القرينة موجود في كثير من الموارد ولو لم يكن بناء على أصالة عدم القرينة لأشكل الأمر في تعيين المعاني الحقيقيّة من طريق التبادر.
المقام الثاني : في الإشكالات الواردة على التبادر
منها : إشكال الدور : وهو أنّ التبادر وسبق المعنى إلى الذهن من مجرّد اللفظ موقوف على العلم بالوضع بداهة كون العلم بالوضع شرطا في فهم المعنى وانسباقه من اللفظ إذ لا يتبادر شيء عند الجاهل به فإذا كان العلم بالوضع موقوفا على التبادر وسبق المعنى إلى الذهن من اللفظ لزم الدور.
__________________
(١) أي بعد معلوميّة الحقيقة والمجاز.
(٢) أي استناد الانسباق إلى اللفظ أو إلى القرينة.