الظاهر من ملاحظة موارد الاحتجاج به. انتهى. (١)
وأشار إلى الجوابين المذكورين في الكفاية بقوله : إنّ الموقوف عليه غير الموقوف عليه. فأنّ العلم التفصيليّ بكونه موضوعا له موقوف على التبادر وهو موقوف على العلم الإجماليّ الارتكازيّ به لا التفصيليّ فلا دور. هذا إذا كان المراد به التبادر عند المستعلم وأمّا إذا كان المراد به التبادر عند أهل المحاورة فالتغاير أوضح من أن يخفى.
ثالثها : ما في بدائع الأفكار من أنّه لا وجه للإشكال بالدور في المقام فإنّ العلم المستفاد بالتبادر غير العلم الذي يتوقّف عليه التبادر حتّى لو قلنا بتوقّفه على العلم التفصيليّ لأنّه يكفي في ارتفاع الدور تغاير الموقوف والموقوف عليه بالشخص لا بالنوع ولا بالصنف ولا شبهة في مغايرة العلم الشخصيّ الحاصل بالتبادر مع العلم الشخصيّ الذي يتوقّف عليه التبادر. نعم يمكن الإشكال على التبادر ونحوه بكون جعله طريقا للعلم بالوضع لغوا لأنّ العلم بالوضع من مقدّمات التبادر فالتوصّل به إلى العلم بالوضع ثانيا لغو محض وحينئذ يمكن الجواب بما ذكر. (٢)
ولا يخفى عليك أنّ ظاهر تعبيره باللغويّة هو إمكان وقوع العلم بعد العلم ولكن المحذور هو اللغويّة مع أنّ الإمكان كما في تهذيب الاصول ممنوع لأنّه لا يتصوّر الانكشاف بعد الانكشاف إلّا بتعدّد متعلّق العلم خارجا أو بتخلّل الذهول والنسيان عند وحدته وكلاهما مفقودان في محلّ الكلام والحاصل أنّه لا يعقل الكشف التفصيليّ في حال واحد عن شيء مرّتين فلو حصل العلم قبل التبادر بكون معنى اللفظ كذا ، لا يعقل كون التبادر موجبا لحصول مصداق آخر له مع توحّد الحال. نعم لا مانع من تكرّر الصورة الذهنيّة بما هو معلوم بالذات ولكن لا يعقل الكشف عن المعلوم
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٤٥.
(٢) بدائع الافكار : ١ / ٩٧.