إلّا بعد العلم بها لأنّ الانتقال من أحد المتلازمين إلى الآخر فرع العلم بالملازمة مدفوعة بأنّ هذا إنّما هو فيما إذا كانت الملازمة بين ذات المدركين كالملازمة بين النار والإحراق فإنّ الانتقال التصديقيّ من أحدهما إلى الآخر فرع العلم بالملازمة بين النار والإحراق وأمّا إذا كانت الملازمة بين نفس الإدراكين فيكون ترتّب أحدهما عقيب الآخر ناتجا عن نفس الملازمة ولو لم يكن المدرك عالما بها ومقامنا من هذا القبيل لأنّ القرن الأكيد يوجد كما سبق في بحث الوضع ملازمة بين الإدراك التصوّريّ للفظ والإدراك التصوّريّ للمعنى وهذه الملازمة بنفسها سبب للانسباق والتبادر ولهذا يحصل هذا الانسباق لدى الطفل أيضا نتيجة لذلك مع عدم وجود أي علم تصديقيّ لديه بالملازمة. (١) انتهى
وفيه منع واضح فإنّ الملازمة بوجودها الواقعيّ بدون العلم التصديقيّ لا توجب شيئا. نعم لا يلزم أن يكون العلم التصديقيّ علما تفصيليّا بل يكفي العلم الارتكازيّ البسيط كما مرّ عن الشيخ الرئيس من أنّ العلم التفصيليّ بأنّ معنى هذا ذاك على نحو القضيّة الحمليّة موقوف على التبادر وهو ليس موقوفا على هذا العلم التصديقيّ المحتاج إلى تصوّر الموضوع والمحمول بل يحصل بالعلم الارتكازيّ من مباديه وعلله كعلم الأطفال بمعاني الألفاظ ومفاد اللغات. (٢) انتهى
وعليه ففي الإدراكين أيضا لا ينتقل من أحدهما إلى الآخر إلّا من جهة العلم بملازمتهما ولو ارتكازا فتداعي أحدهما بالنسبة إلى الآخر لا يكون إلّا من جهة العلم بالارتباط والملازمة بينهما ، هذا مضافا إلى أنّ تصوّر الإدراكين يوجب أن يكونا مدركين فكلّ إدراك مدرك بهذا الاعتبار والانتقال من المدرك إلى مدرك آخر فرع
__________________
(١) بحوث في علم الاصول : ١ / ١٦٦.
(٢) تهذيب الأصول : ١ / ٥٧.