العلم بالملازمة على ما اعترف ، هذا مضافا إلى أنّ القرن المذكور بين تصوّر اللفظ وتصوّر المعنى ليس بالوضع بل متأخّر عنه إذ الوضع هو تعيين الواضع لفظا لمعنى ليحصل الترابط الاعتباريّ بينهما فاستعماله مكرّرا يوجب القرن المذكور فهو متأخّر عن وضع الواضع وليس بوضع وحمل فعل الواضع على مجرّد القرن بدون قصد إيجاد اعتبار الارتباط كما ترى. على أنّ الأطفال أيضا يتعلّمون الملازمة بين اللفظ والمعنى في بدوّ الأمر ثمّ ينتقلون من أحدهما إلى الآخر ألا ترى أنّ الامّ مثلا إذا قالت لطفلها الماء وأشارت في ذاك الوقت إلى المائع السيّال الرافع للعطش ، فالطفل يتعلّم الملازمة والارتباط بين لفظة الماء والمائع السيّال. فإذا سمع لفظة الماء انتقل منها إلى المائع السيّال لأجل تعلّم الملازمة فليس الانسباق عند الأطفال بدون العلم بالملازمة أيضا.
السادس : عدم صحّة سلب اللفظ أو صحّة حمله :
يقع الكلام في المقامين :
المقام الأوّل : في حقيقة عدم صحّة سلب اللفظ :
والمقصود منه هو عدم صحّة سلب اللفظ عن المعنى الذي حمل عليه في نظير «زيد إنسان» أو «الإنسان حيوان ناطق» فإنّ عدم صحّة سلبه عنه حين الحمل عليه يفيد حصول معناه الحقيقيّ المفهوم منه عند إطلاقه إذ لو كان على خلاف ذلك لصحّ سلبه عنه ضرورة صحّة السلب فيما إذا لم يحصل معناه الّذي اريد سلبه.
وإليه يؤول ما في هداية المسترشدين (١) وهكذا ما في تعليقة الاصفهانيّ حيث قال : وهو أن يتصوّر المعنى المقصود كشف حاله ويحمل اللفظ بما له من المعنى
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٤٨.