يتّصف بها إضافة بالعرض وبقانون أنّ ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات فلا محالة ينتهى الأمر إلى حملين آخرين ؛ أحدهما : حمل صفة الكتابة أو التعجّب على شيء. وثانيهما : حمل الحركة أو الضحك على شيء آخر. فيدخل هذا القسم أيضا في القسم الأوّل والاختلاف بينهما في الصورة لا في الحقيقة. فتلخّص من ذلك أنّ مرجع جميع هذه الأقسام إلى قسم واحد وهو القسم الأوّل وعلى ضوء أنّ الملاك في صحّة الحمل الشائع هو الاتّحاد في الوجود الخارجيّ ظهر أنّ صحّته لا يكشف عن الحقيقة ضرورة أنّها لا تكون أمارة إلّا على اتّحاد المحمول مع الموضوع خارجا وأمّا أنّ استعمال اللفظ في المحمول على نحو الحقيقة فهي لا تدلّ عليه. إلى أن قال : فقد اصبحت النتيجة لحدّ الآن كما أنّ صحّة الحمل الأوّليّ الذاتيّ لا تكشف عن الحقيقة كذلك صحّة الحمل الشائع الصناعيّ ومن ذلك يظهر حال عدم صحّة الحمل أيضا حرفا بحرف. (١) وتبعه بعض الأعاظم (٢) أيضا.
وفيه : أوّلا : أنّ الاستعمال المجرّد عن القرائن كما مرّ دليل الحقيقة والاستعمال المجرّد غير مجرّد الاستعمال والذي لا يدلّ على شيء هو الثاني دون الأوّل ولعلّ صحّة الحمل من لوازم الاستعمال المجرّد ومتفرّعاته إذ اللفظ المستعمل في معناه يصلح أن يصحّ حمله ولا يصحّ سلبه عنه فالاستعمال المجرّد الكاشف عن كون الاستعمال في معناه الحقيقيّ يكون منشأ لصحّة الحمل وعدم صحّة السلب كما عرفت أنّه منشأ التبادر وظهور المعنى وانسباقه إلى الذهن فلا وجه لإنكار دليليّة الاستعمال المجرّد على الحقيقة فلا تغفل.
وثانيا : أنّ الدليل على الحقيقة والمعنى الحقيقيّ في الحمل الذاتيّ والشائع الصناعيّ
__________________
(١) المحاضرات : ١ / ١١٧ ـ ١١٩.
(٢) بحوث في علم الاصول : ١ / ١٦٨ ـ ١٦٩.