على تمام أفراده ومصاديقه.
لأنّا نقول : ليس مفروض الاطّراد فيما إذا علم بكون المعنى الكلّيّ حقيقة للفظ ثمّ يبحث عن تطبيقه على مصاديقه بأنّه هل يكون بواسطة شيء أو يكون بنفسه من دون حاجة إلى الواسطة. بل محلّ الكلام فيما إذا لوحظ لفظ ومعنى كلّي ويشكّ في كونه معنا حقيقيّا له أو استعمل فيه بعلاقة من العلائق فيمكن استكشاف كونه حقيقة من اطّراد الاستعمال والاستعمال أمر قصديّ فإذا رأينا أهل لغة أنّهم يطلقون اللفظ المذكور ويريدون به هذا المعنى الكلّيّ في جميع الموارد حصل لنا العلم بأنّه معني حقيقىّ له لأنّ جواز الاستعمال المطّرد لا يكون إلّا بالوضع إذ المفروض أنّه لا اطّراد في نوع العلاقة بما عرفت.
الثاني : في علاميّة الاطّراد وعدمه : ذهب بعض إلى أنّ الاطّراد هو السبب الوحيد لمعرفة الحقيقة غالبا في مقابل من ذهب إلى نفي العلاميّة عن الاطّراد مطلقا والحقّ هو منع إطلاق الإثبات وإطلاق النفي والقول بكونه علامة بنحو الموجبة الجزئيّة.
واستدلّ للقول الأوّل بأنّ معرفة الحقيقة إمّا بتصريح الواضع وهو نادر جدّا وإمّا بالتبادر وهو لا يحصل إلّا بالاطراد. فالسبب الوحيد لمعرفة الحقيقة هو الاطّراد غالبا. (١)
وفيه : منع الانحصار إذ كثيرا ما يحصل التبادر من ناحية الاستعمال المجرّد أو صحّة الحمل كما مرّ البحث عنهما فلا يحتاج في حصوله إلى اطّراد الاستعمال.
واستدلّ للقول الثاني بأنّ تطبيق المعنى الارتكازيّ على الأفراد مطّردا بلا إرادة الخصوصيّة الفرديّة يوجب التخلّف في العلامة إذ العلامة حينئذ هي صحّة الحمل وقد عرفت إرجاعها إلى التبادر أيضا لما عرفت من أنّ التطبيق فرع العلم بكون المعنى
__________________
(١) المحاضرات : ١ / ١٢٢.