في الجملة لزم القول بتوقّفه على النقل وقد أشرنا إلى فساده. فظهر ممّا حقّقنا أنّ المعتبر في العلاقة المصحّحة للتجوّز هي المناسبة التي يقبلها الطبع سواء وجدت في ضمن إحدى العلاقات المذكورة أو في غيرها والعلاقات المذكورة إنّما تعتبر إذا تضمّنت هذه المناسبة. (١) انتهى
وفيه : أنّ الاطّراد مع ذلك لا يخلو عن العلاميّة إذ اطّراد الحقيقة يختلف مع اطّراد المجاز لأنّ الأوّل لا يحتاج إلى مئونة بخلاف الثانيّ فإنّه يتوقّف على ملاحظة الحقيقة والمناسبة المصحّحة للمجاز فالاطّراد بلا مئونة علامة الحقيقة والاطّراد بشرط المئونة علامة المجاز.
ومنها : ما في (مقالات الاصول) من أنّ التبادر علامة لوجود الوضع وصحّة السلب علامة عدمه والاطّراد علامة لاستناد التبادر أو صحّة السلب إلى حاقّ اللفظ ورافع استنادهما إلى قرينة حافّة بالكلام ولو بمثل الانصراف الإطلاقيّ حيث أنّ الاستقراء في موارد الاستعمال سلبا أم إيجابا ربما يكشف بحكم ارتكاز الذهن أنّ فهم المعنى سلبا أم إيجابا مستند إلى نفس اللفظ لا قرينة اخرى كما أنّه قد يستفاد هذه الجهة من أمر آخر بحيث لا يحتاج إلى استقراء موارده. (٢)
وبهذا البيان يعلم أنّ الاطراد يحتاج إليه لتشخيص العلامة وهو التبادر المستند إلى حاقّ اللفظ.
وفيه : أنّ الاطّراد لا ينحصر في ذلك بل يمكن أن لا يكون للفظ تبادر وكان ذا احتمالين أو احتمالات فإذا رأيناه مطّردا في أحدها علمنا كونه حقيقة فيه كما لا يخفى فالاطّراد ليس علامة العلامة فقط بل ربما يكون بنفسه علامة للحقيقة كما لا يخفى.
__________________
(١) الفصول : ١٩.
(٢) مقالات الاصول / ٣٠ ط ١٣٥٨.